فذكر ذلك «صلى الله عليه وآله» لأصحابه ، فقالوا : يا رسول الله ، عشائرنا وإخواننا (١). بل نأخذ فداءهم ، فنتقوى به على عدونا ، ويستشهد منا عدتهم» (٢).
فما تقدم يدل على أن تخييرهم هذا إنما كان بعد تأكيدهم على رغبتهم في أخذ الفداء ، وظهور إصرارهم عليه ، فأباح لهم ذلك.
وبعد ما تقدم نقول : لقد نص البعض على أن النبي «صلى الله عليه وآله» مال إلى القتل (٣).
وذكر الواقدي أن الأسرى قالوا : لو بعثنا لأبي بكر ، فإنه أوصل قريش لأرحامنا ، ولا نعلم أحدا آثر عند محمد منه ؛ فبعثوا إليه فجاءهم فكلموه ، فوعدهم أن لا يألوهم خيرا ، ثم ذهب إلى النبي «صلى الله عليه وآله» فجعل يفثؤه ويلينه ، وعاوده بالأمر ثلاث مرات ، كل ذلك والنبي «صلى الله عليه وآله» لا يجيب (٤).
وبعد ما قدمناه فهل يصح قولهم : إن النبي «صلى الله عليه وآله» قد جلس يبكي على نفسه مع أبي بكر ، وأنه لو نزل العذاب لم ينج منه سوى عمر بن الخطاب؟!.
__________________
(١) هذه الكلمة تشير إلى أن الذين قالوا ذلك هم من المهاجرين.
(٢) تاريخ الخميس ج ١ ص ٣٩٣ عن فتح الباري ، عن الترمذي ، والنسائي ، وابن حبان ، والحاكم بإسناد صحيح ، ومصنف عبد الرزاق ج ٥ ص ٢١٠ ، والبداية والنهاية لابن كثير ج ٣ ص ٢٩٨ ، وطبقات ابن سعد ج ٢ ص ١٤ قسم ١.
(٣) راجع على سبيل المثال : الكامل لابن الأثير ج ٢ ص ١٣٦.
(٤) مغازي الواقدي ج ١ ص ١٠٧ و١٠٨.