ويلاحظ : أن هذه المحاولات كانت تبذل من قبل مختلف قبائل اليهود : قريظة ، النضير ، قينقاع ، ثعلبة الخ .. ولكن محاولاتهم هذه قد باءت بالفشل الذريع. بل لقد ساهم ذلك بشكل فعال في تجلي ووضوح تعاليم الإسلام ، وترسيخها ، وقد دفعهم فشلهم هذا إلى أن يطلبوا من النبي «صلى الله عليه وآله» أن يأتيهم بكتاب من السماء : (يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً)(١).
ثم تمادوا في العناد واللجاج ، إلى ما هو أبعد من ذلك ، قال تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ)(٢) الآية.
فإن سياق الآيات ظاهر في أن اليهود هم الذين قالوا ذلك.
٣ ـ ولما فشلوا في محاولاتهم محاربة الإسلام على صعيد الفكر ، اتجهوا نحو أسلوب الضغط الاقتصادي على المسلمين ؛ فيذكرون : «أن رجالا من أهل الجاهلية باعوا يهودا بضاعة ، ثم أسلموا وطلبوا من اليهود دفع الثمن فقالوا : ليس علينا أمانة ، ولا قضاء عندنا ؛ لأنكم تركتم دينكم الذي كنت عليه ، وادعوا : أنهم وجدوا ذلك في كتابهم.
فجاء في الآية المباركة الرد عليهم : (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَيْسَ عَلَيْنا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ
__________________
(١) الآية ١٥٣ من سورة النساء.
(٢) الآية ١١٨ من سورة البقرة.