البيان ، ثم المخالفة.
ولكن الله تكرم وتفضل عليهم ، وغفر لهم هذه المخالفة ، وأباح لهم أخذ الفداء تأليفا لهم ، على ما فيه من عواقب وخيمة. وقد بلغ من حبهم لعرض الدنيا أنهم قبلوا بهذه العواقب أيضا.
بل يمكن أن يكون إصرار بعض المهاجرين على أخذ الفداء يرجع إلى أنهم قد صعب عليهم قتل صناديد قريش ، حيث كانت تربطهم بهم صداقات ومصالح ووشائج رحم ، وقد استهوى موقفهم هذا جماعة من البسطاء والسذج من سائر المسلمين الحاضرين.
فهذا التعاطف مع المشركين من قبل البعض ، ثم حب الحصول على المال ، قد جعلهم يستحقون العذاب العظيم ، الذي إنما يترتب على سوء النيات ، وعلى الإصرار على مخالفة الرسول ، والنفاق في المواقف والأقوال والحركات ، لا سيما مع وجود رأي يطالب بقتل بني هاشم الذين أخرجهم المشركون كرها ونهى الرسول «صلى الله عليه وآله» عن قتلهم.
مع ملاحظة : أنه لم يشترك من قوم صاحب ذلك الرأي أحد في حرب بدر.
وأما الخطأ في الرأي مجردا عما ذكرناه فلا يوجب عقابا.
وثمة كلام آخر في تفسير آخر (١) قد أضربنا عن ذكره لعدم استقامته.
وخامسا : إنه قد جاء : أنه لما كان يوم بدر تعجل الناس من المسلمين ؛ فأصابوا من الغنائم ، فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله» : لم تحل الغنائم لقوم سود الرؤوس قبلكم ، كان النبي ـ يعني من السابقين ـ إذا غنم هو
__________________
(١) دلائل الصدق ج ٣ قسم ١ ص ٥٥ و٦٠.