٢ ـ ومن الجهة الأخرى فقد قويت نفوس المسلمين بذلك ، وعادت لهم الثقة بأنفسهم بصورة ظاهرة ، وشجعهم هذا الانتصار غير المتوقع على مواجهة ما كان إلى الأمس القريب يرعبهم حتى احتماله ، فضلا عن التفكير فيه ، أو مواجهته. وقد كان هذا الانتصار في المستوى الذي صعب على بعض أهل المدينة التصديق به.
نعم ، لقد زادهم هذا الانتصار إيمانا ، ويقينا ، وثقة بدينهم ونبيهم. ولا سيما بملاحظة حجم الخسائر التي مني بها عدوهم.
٣ ـ ولقد أعانتهم تلك الغنائم التي حصلوا عليها إلى حد كبير على مواجهة مشاكلهم الإقتصادية الملحة ، كما أنها فتحت شهية الطامعين ، وجعلتهم على استعداد للمشاركة ، بل ويتطلعون إلى نظائرها في المستقبل.
٤ ـ ثم إنه قد أصبح ينظر إلى المسلمين في المنطقة على أنهم قوة فعالة ، لا بد أن يحسب حسابها ، وهابتهم القبائل ، وبدأت تخطب ودهم ، وتتقرب إليهم ، ولم يعد من السهل عليها أن تنقض ما أبرمته معهم من معاهدات.
بل وأصبحت تتوقع لهم انتصارات أخرى أيضا ، حتى ليقول اليعقوبي عن وقعة ذي قار ، التي كانت بعد بدر بأربعة أشهر :
«وأعز الله نبيه ، وقتل من قريش ، فأوفدت العرب وفودها إلى رسول الله ، وحاربت ربيعة كسرى. وكانت وقعتهم بذي قار ، فقالوا : عليكم بشعار التهامي ، فنادوا : يا محمد ، يا محمد. فهزموا جيوش كسرى» (١).
وبعد هذا ، فإن من الطبيعي : أن يترك ذلك أثرا على محاولات قريش
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ط صادر ج ٢ ص ٤٦.