وقلنا : إن الظاهر هو أنها قد حولت إلى بيت المقدس ؛ لأن عبد الملك قد بنى القبة على الصخرة ، وأمر الناس بالحج إليها ، والطواف حولها ، والسعي ، والنحر ، وغير ذلك من أمور الحج.
وقلنا : إننا نستقرب جدا أن يكون استحباب التياسر في القبلة لخصوص أهل العراق ، مرده ذلك ، وأنه حكم وقتي من دون إلزام فيه ، لئلا يقع المؤمنون في حرج في مقابل السلطة الغاشمة.
٤ ـ لقد كان الشيعة معروفين بشدة الغيرة على نسائهم ، ولذلك نجد زكريا القزويني يقول عن أهل المدائن : «أهلها فلاحون ، شيعة ، إمامية ، ومن عاداتهم : أن نساءهم لا يخرجون نهارا أصلا» (١).
وهذا الأمر موجود حتى الآن في بعض مدن الشيعة في إيران ، كما في قصبة خسرو شاه من توابع تبريز ، فإنك لا تكاد تجد امرأة في شوارع المدينة نهارا أصلا. كما ذكره لي بعض أهل العلم.
وليس هذا إلا اقتداء منهم بسيدتهم الزهراء «صلوات الله وسلامه عليها» ، التي كانت لا تخرج إلا ليلا ، إلا إذا اضطرت إلى ذلك لخصومة سياسية أو إثبات حق ، أو نحو ذلك.
٥ ـ لقد كان حجر بن عدي وأصحابه معروفين بأنهم : «ينتقدون على الأمراء ، ويسارعون في الإنكار عليهم ، ويبالغون في ذلك» (٢). وهذا هو مذهب الشيعة ، وهذه هي عقيدتهم. على عكس غيرهم ممن يوجب
__________________
(١) آثار البلاد وأخبار العباد ص ٤٥٣.
(٢) البداية والنهاية ج ٨ ص ٥٤ عن ابن جرير وغيره.