فكيف أدرك هؤلاء هذه الحجة العقلية ، المثبتة واقعا ـ لا ظاهرا فحسب ـ نزاهة نسائه «صلىاللهعليهوآله» ، ولم يدركها النبي نفسه ، ورتب الأثر على قول الإفكين ، وارتاب بأهله؟!! ..
ويقولون أيضا : إن النبي «صلىاللهعليهوآله» قد أتى إلى عائشة ، وطلب منها الاعتراف قائلا : «.. إن العبد إذا اعترف بذنبه ، ثم تاب إلى الله تاب الله عليه».
وقد حمل عياض هذا الكلام على أنه قد طلب منها التوبة فقط (١).
ولكن هذا التوجيه يخالف ظاهر الكلام بصورة واضحة ..
كما أن نفس جواب عائشة ينافي كلام عياض ، فقد قالت : لئن قلت لكم : إني بريئة لا تصدقوني بذلك ، ولئن اعترفت لكم بأمر ، لتصدقني الخ ..
وعلى كل حال .. فيرد هنا سؤال ، على تقدير أن لا يكون صفوان بن المعطل عنينا : أنه قد كان اللازم ، هو أن يندبها النبي «صلىاللهعليهوآله» إلى الكتمان ، كما فعل «صلىاللهعليهوآله» مع الذين جاؤوا ليعترفوا له بأمر من هذا القبيل ، حيث صرف وجهه عنهم عدة مرات ، وحاول تشكيكهم فيما يريدون الاعتراف به.
وأجاب الداودي : بالفرق بين أزواج النبي «صلىاللهعليهوآله» ، فيجب عليهن الاعتراف ، لأنه لا يحل لنبي إمساك من يقع منهن ذلك .. بخلاف نساء الناس : فإنهن ندبن إلى الستر ، ولذا صح منه «صلى الله عليه
__________________
(١) فتح الباري ج ٨ ص ٣٦٤ عنه.