إن ذلك لا يصح ، وذلك للأمور التالية :
أولا : روى عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، ومعمر ، قالا : أخبرنا هشام بن عروة ، عن عائشة ، أنها أخبرته : أن أبا بكر لم يكن يحنث في يمين يحلف بها ، حتى أنزل الله كفارة الأيمان ، فقال : والله لا أرى يمينا حلفت عليها غيرها خيرا منها ، إلا قبلت رخصة الله ، وفعلت الذي هو خير .. (١) والسند صحيح عند الراغبين في منح عائشة وأبيها الأوسمة والكرامات.
ومن المعلوم : أن آية كفارة الأيمان قد جاءت في سورة المائدة ، وهي قد نزلت في أواخر حياة النبي «صلىاللهعليهوآله» .. فكيف حنث أبو بكر في قضية مسطح ، ثم قال : «لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا تحللتها ، وأتيت الذي هو خير ..»؟! (٢).
إن هذا القول ينافيه قول عائشة السابق ويدفعه ، إذ إن عائشة تقول : إن أبا بكر قد قال هذا القول عند ما نزلت آية كفارة الأيمان ، لا في مناسبة الإنفاق على مسطح .. وهو دليل على عدم حنثه بيمينه في مسطح ، إن كان قد حلف حقا.
ثانيا : أخرج ابن جرير وابن مردويه ، عن ابن عباس ، قال : كان ناس من أصحاب رسول الله «صلىاللهعليهوآله» قد رموا عائشة بالقبيح ، وأفشوا ذلك ، وتكلموا فيه. فأقسم ناس من أصحاب رسول الله «صلى الله
__________________
(١) المصنف لعبد الرزاق : ج ٨ ص ٤٩٧ ، وفي هامشه قال : وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (مخطوط) ص ١٨١.
(٢) الدر المنثور ج ٥ ص ٣٤ عن ابن المنذر.