ونقول :
إذا كان كذلك ، فلماذا يحده النبي «صلىاللهعليهوآله» على الإفك؟
أليس قد رووا : أن الله تعالى قد اطلع على أهل بدر ، فقال : اعملوا ما شئتم ، فقد غفرت لكم؟ .. فإذا كان ذنبه مغفورا فلماذا يعاقب عليه؟!
هذا إذا فسرنا هذه الكلمة بأن الذنوب تقع منهم ، لكنها تكون مقرونة بالمغفرة.
وأما إذا أخذنا بالاحتمال الآخر ، وهو أن المراد : أن المعصية لا تقع من البدري أصلا (١) .. فالأمر يصير أعقد وأشكل.
وفسرها النيسابوري بأن المراد : اعملوا من النوافل قليلا أو كثيرا ، فقد أعطيتكم الدرجات العالية في الجنة ، وقد غفرت لكم ، لعلمي أنكم تموتون على التوبة (٢).
ونقول :
أولا : ما الدليل على أن هذا هو المراد من قوله «صلىاللهعليهوآله» : اعملوا ما شئتم؟!
ولماذا هذه التبرعات التفسيرية بلا شاهد ولا دليل؟!
ثانيا : هل للذي يؤذي رسول الله ويتهم زوجته بهذا البهتان العظيم توبة؟!
ثالثا : إن هذا ينافي قوله تعالى : (وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ).
فإنها تدل على عدم قبول توبتهم إن لم نقل إنها تدل على عدم حصول
__________________
(١) أشار إلى المعنيين العسقلاني في فتح الباري ج ٨ ص ٣٦٩.
(٢) النيسابوري بهامش الطبري ج ١٨ ص ٦٨.