مغشيا عليها ، فبلغ ذلك أمها أم رومان فجاءتها ، فحملتها إلى بيتها (١) ،
وأنها همت أن ترمي نفسها في قليب (٢) أي بئر ،
إنها .. وهي تتحدث عن كل ذلك تكثر من حلف الأيمان ، ولا سيما وهي تقترب من نهايات الحديث .. حيث لا بد لها من زرع القناعة بأن الإفك كان عليها .. ولابد أن ينسى الناس قصة مارية ، وأن لا يعيروها أي اهتمام.
إنها ليست فقط تقسم لتأكيد ما تنقله عن نفسها ، بل هي تقسم على ما تنقله عن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وعن أبيها ، وعن أمها أيضا ..
فلماذا هذه الأيمان الكثيرة المنهي عنها في الشرع الشريف؟! ولماذا هذا التهويل والمبالغة فيه؟!
فهل كانت تشعر بضعف دعواها ، فاعتمدت طريقة التقوي بالأيمان؟!
أم أن المريب كاد أن يقول خذوني؟!
إن ذلك ليس بعيدا ـ فيما نعتقد ـ عن ذهن من نسب هذه الروايات إليها.
أو فقل : عن ذهن صانع الرواية ، من أجل أن يكسبها فضيلة وشرفا ، ما أشد شوقها إليه ، وما أعظم حرصها عليه.
__________________
(١) راجع : المعجم الكبير ج ٢٣ ص ١١٧ و ١١٨ و ١٢٣ و ١٢٤ وراجع أيضا : مجمع الزوائد ج ٩ ص ٢٣٠ و ٢٣٧ وراجع سائر المصادر التي قدمناها في فصل النصوص والآثار الحديث رقم ٣.
(٢) راجع : المعجم الكبير ج ٢٣ ص ١٢١ وفتح الباري ج ٨ ص ٣٥٥ عن الطبراني بسند صحيح ، وإرشاد الساري ج ٤ ص ٣٩٣ والدر المنثور ج ٥ ص ٣٢ عن الطبراني ، وابن مردويه.