أولا : لأنه كان حين قضية الإفك طفلا صغيرا ، لا يحسن رواية أحداث كهذه ، حتى لو شهدها ، لأنه ولد سنة الهجرة ، أو قبلها بثلاث سنوات ..
ثانيا : إنه حتى لو كان رجلا كاملا ، فإنه لم يكن حين قضية الإفك في المدينة لأنه إنما قدم إليها مع أبيه في سنة ثمان (١) ، أي بعد قضية الإفك بعدة سنوات.
على أن هناك الكثير الكثير من الشك حول ما يروى عن ابن عباس.
فقد ذكر العسقلاني : أن غندرا قال : «ابن عباس لم يسمع من النبي «صلىاللهعليهوآله» إلا تسعة أحاديث. وعن يحيى القطان عشرة. وقال الغزالي في المستصفى : أربعة» (٢).
مع أنهم يذكرون : أن البخاري قد روى عن ابن عباس مئتين وسبعة عشر حديثا (٣) .. فتبارك الله أحسن الخالقين.
ولا نستطيع أن نقول : إنه قد روى ذلك عن الصحابة الموثوقين جزما ، فقد روى عن غير المؤمنين ، وعن غير الصحابة ، وروى حتى عن مسلمة أهل الكتاب ، فقد روى عن معاوية ، وأبي هريرة ، وكعب الأحبار ، وتميم الداري ، وغيرهم ..
هذا كله ، بالإضافة إلى ضعف سند حديث الإفك ، الذي ينتهي إليه. ولذلك لم ترد روايته في الكتب التي يعتبرها أهل السنة صحاحا.
__________________
(١) راجع : فتح الباري ج ٩ ص ٢٤٩.
(٢) تهذيب التهذيب ج ٥ ص ٢٧٩.
(٣) مفتاح الصحيحين ص ٨.