الكلّي والمفروض خلافه ، لأنّ معنى هذه المذكورات ليس هو نفس ذلك الكليّ ـ يعني من قام به المبدا ـ بل معناها من قام به الضّرب والقتل والعلم ، لأنّا نقول : الذي يدلّ عليه الهيئة هو نفس الكلّي ، وأمّا خصوصيّة قيام الضرب والقتل ونحوهما فهو من مقتضيات المادّة والكلام في وضع الهيئة أو اللّفظ بواسطة الهيئة ، فالهيئة من حيث هي لا تدلّ إلّا على هذا المعنى الكلّي ، والثاني مدلول المادة.
والثالث : أن يقال : لفظ ضارب موضوع لمن قام به الضّرب ، وعالم لمن قام به العلم وهكذا ، وهذا أيضا كسابقه في كون الوضع عامّا والموضوع له عامّا ، لكنّ الوضع فيه شخصي من جهة ملاحظة الخصوصيّة في اللّفظ ، بخلاف السّابق (١) ، فإنّه لم يعتبر فيه الخصوصية ، بل اعتبر فيه العموم ، فوضعه نوعي ، وحقيقة الوضع النوعي يرجع الى بيان القاعدة ، وجعل وضع المشتقّات من قبيل الوضع الشخصي ، بعيد.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ جمعا من الأصوليين قالوا : إنّ وضع المشتقّات مثل وضع الحروف والمبهمات من حيث إنّ الواضع للّفظ فيها تصوّر المعنى الكلّي ووضع الألفاظ بإزاء خصوصيّات الأفراد ، إلّا أنّ الموضوع له في الحروف والمبهمات هو الجزئيّات الحقيقية ، وفي المشتقّات هو الجزئيّات الإضافية.
وحاصله ، أنّ الواضع حين الوضع تصوّر معنى كليّا وهو من قام به مبدأ ما وضع بإزاء جزئيّاته الإضافية ، يعني : من قام به الضرب أو القتل مثلا ، ألفاظا متصوّرة بالإجمال ، وهو ضارب وقاتل ونحوهما.
وفيه ما لا يخفى ، إذ الواضع إن كان غرضه تعلّق بوضع الهيئة (٢) أي ما كان على
__________________
(١) يعني السابق المطلق وهو الشامل للقسمين الأوّلين.
(٢) وهذا ناظر الى الوجه الثاني من الوجوه الثلاثة المتصوّرة في وضع المشتقات ، هذا كما في الحاشية.