وربّما قيل : إنّ وضع المشتقّات من باب وضع الحروف وأسماء الإشارة ، وهو غلط واضح ، ولا بأس بتفصيل الكلام فيه (١).
فنقول : إنّ وضع المشتقّات كاسم الفاعل والمفعول ، يتصوّر على وجوه : أحدها : أن يقال : إنّ وضع صيغة فاعل مثلا ، أي كلّ ما كان على زنة فاعل من أيّ مادّة بنيت ، إنّما هو لكلّ من قام به تلك المادة المخصوصة.
وبعبارة أخرى : كلّ واحد من الصّيغ المبنيّة على زنة فاعل ، موضوع لمن قام به مبدأ ذلك الواحد ، يعني ضارب موضوع لمن قام به الضّرب ، وقاتل لمن قام به القتل ، وعالم لمن قام به العلم وهكذا.
وعلى هذا فالوضع عامّ والموضوع له عامّ ، لأنّ الواضع تصوّر حين الوضع معنى عامّا وهو كلّ واحد من الذّوات القائمة بها أحداث ، ووضع بإزاء كلّ واحد منها ما بنيت من ذلك الحدث على هيئة فاعل. وهذا من باب الوضع النوعي ، فإنّه قد لوحظ الألفاظ الموضوعة إجمالا في ضمن الهيئة الخاصّة ، فقولنا : هيئة فاعل موضوع لمن قام به مبدأ ما بنيت منه ، في قوّة قولنا : كلّما كان على زنة فاعل ... الخ ، فقد تصوّر الواضع الألفاظ إجمالا عند وضع الهيئة.
والثاني : أن يقال : صيغة فاعل وضعت لمن قام به المبدا ، يعني هذا الجنس من اللّفظ هو ما بنيت على فاعل موضوع لهذا المفهوم الكلّي. وهذا أيضا كسابقه ، لكنّ المراد بالعامّ في الأوّل هو العامّ الأصولي ، وفي الثاني العامّ المنطقي.
لا يقال : أنّ هذا يستلزم كون ضارب وقاتل وعالم مثلا ، موضوعا لهذا المفهوم
__________________
ـ ذكره صاحب «المعالم» من أنّ الأفعال التامة بالنسبة الى الحدث وضعها خاص ، ليس بشيء راجع حاشيته ص ٢٩٩.
(١) في وضع المشتقات.