وفيه : أنّ القائل بالاشتراك يقول : بأنّ الاستثناء المتعقّب للجمل مشترك بين الأمرين ، بمعنى أنّه لا يعلم أنّه أريد بذلك الاستثناء الذي يصلح لكلّ من الأمرين الإخراج عن الأخيرة أو الإخراج عن الكلّ ، لا بمعنى أنّا لا نعلم أنّه هل أريد بالمستثنى ما يصلح أن يخرج من الكلّ أو ما لا يصلح إلّا للأخيرة ، وبينهما بون بعيد.
وبالجملة ، هو رحمهالله وإن أتعب باله في التنقيب والتدقيق وأسّس أساس التحقيق ، لكنّه قد اختلط عليه الشّأن بعض الاختلاط ، ولم ينته أمره الى الإتقان في الارتباط ، والمتّهم هو فكري القاصر ، والله وليّ السرائر.
والتحقيق عندي (١) ، أنّه لا إشكال ولا خلاف في أنّه لم يوضع أدوات الاستثناء لإخراج شيء خاصّ من متعدّد خاصّ ، بل الظاهر أنّها وضعت بوضع عامّ لكلّ واحد من الأفراد ، فوضع كلّها حرفيّ وإن كان بعضها اسما ك : غير وسوى.
وأمّا الأفعال ، فوضعها أيضا حرفيّ ، لأنّ الإخراج إنّما هو باعتبار النسبة ، وهو معنى حرفي ، والأسماء أيضا وإن كان لها وضع مستقل ، لكنّه لا بدّ أن يراد منها في باب الاستثناء المعنى الحرفي ، والمستعمل فيه ليس إلّا خصوصيّات الإخراج ، وكون خصوصيّة الإخراج جزئيّا حقيقيّا لا ينافي كون المخرج (٢) أمرا كلّيا ، كما لا يخفى.
والحاصل ، أنّ المعيار في الكلام هو عموم الوضع ، فلم يتصوّر الواضع حين
__________________
ـ الموصوف عقب العمومات الموصوفة ، لا الحاصلة من الأداة والمستثنى ، فإنّ تلك الهيئة لا تزيد على وضع الأداة شيئا إذ لا تفيد الهيئة إلّا المعنى النسبيّ الاخراجي ، وإخراج المستثنى الخاص من مدلولات المواد لا الهيئة.
(١) وقد ردّ على هذا التحقيق صاحب «الفصول» : ص ٢٠٤.
(٢) وهو المستثنى.