على سبيل البدل. ولو فرض إرادة الإرجاع الى أكثر من جملة ، فلا بدّ من إرادة معنى مفرد منتزع من الجمل السّابقة ، مثل هذه الأفعال أو هذه الجماعات ونحو ذلك ، وهو مجاز لا يصار إليه إلّا بدليل. ولمّا كان القرب مرجّحا للأخيرة ، فنرجعه إليها من جهة أنّه فرد من أفراد الاستثناء ، لا من حيث إنّه خصوصيّة الأخيرة ، ولا نحكم بالخروج في غيرها لكونه خلاف الوضع وخلاف الأصل.
والحاصل ، أنّه إذا ثبت من الخارج كون المتعدّدة السّابقة في حكم الواحد ، فلا إشكال في الرجوع الى الجميع وأنّها حقيقة أيضا ، وإن حصل التجوّز في بعض أجزاء الهيئة التركيبيّة كما أشرنا اليه في المباحث السّابقة (١) ، ولكنّه ليس من محلّ النزاع في شيء. لأنّ النزاع إنّما هو في إرادة كلّ واحد منها على البدل ، وإلّا فلا وجه (٢) لإرجاعه اليها ، لا حقيقة ولا مجازا.
وحاصل الفرق بين ما اخترناه وما اختاره صاحب «المعالم» رحمهالله (٣) ؛ هو انّه يقول : إنّ الواضع تصوّر معنى الإخراج عن المتعدّد بعنوان العموم ووضع أدوات الاستثناء لكلّ واحد من خصوصيّات أفراده ، فيشمل المعنى العامّ المتصوّر ما صدق عليه الإخراج عن المتعدّد الواحد (٤) ، والإخراج عن المتعدّد ، المتعدّد على البدل (٥) ،
__________________
(١) في أواخر قانون إذا خصّص العام ففي كونه حقيقة في الباقي أو مجاز أقوال.
(٢) عطف على قوله : وإذا ثبت ، أي وإذا لم يثبت من الخارج كون المتعدّدة السّابقة في حكم الواحد ، فلا وجه لإرجاع الأشياء الى الجمل المتعدّدة السّابقة على البدل ، لا حقيقة ولا مجازا.
(٣) راجع «المعالم» : ص ٢٨٧ ، وكذا نقله عنه في «الفصول».
(٤) كما نقول به.
(٥) كما يقوله الشافعيّ.