مع انّا ندّعي التبادر أيضا وهو دليل الحقيقة فيما ذكرنا (١).
وقد ظهر بما ذكرنا بطلان ما ذكره صاحب «المعالم». وأمّا بطلان سائر الأقوال ، فمع ما ظهر ممّا ذكرنا يظهر ممّا سيأتي في نقل أدلّتهم.
احتجّ السيّد رحمهالله بوجوه ضعيفة (٢) ، أقواها وجهان :
الأوّل : حسن الاستفهام ، بأنّ المتكلّم هل أراد تخصيص الأخيرة أو الجميع.
وهو مدفوع : بأنّه يحسن على القول بالوقف وعلى القول بالاشتراك المعنوي أيضا ، فإنّه إذا قيل لك : جاء رجل بالأمس عندي ، فيحسن أن تقول : من الرّجل؟
وثانيهما : أنّ الأصل في الاستعمال ، الحقيقة ، ولا ريب في استعمال الصورة المفروضة في الإخراج عن الكلّ مرّة ، كما في قوله تعالى : (أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ خالِدِينَ فِيها)(لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا.)(٣) والإخراج عن الأخيرة أخرى (٤) ، كما في
__________________
ـ أي كون الوضع موظفا لازم الاتباع وكذلك الاستعمال لتبعيته الوضع ، والمراد التوظيفية الحاصلة من ملاحظة أنّ العقل لا مدخل له في وضع الألفاظ واستعمالها.
هذا ما أفاده في الحاشية.
(١) انتهى كلامه وقد تعرّض له في «الفصول» : ص ٢٠٧.
(٢) ذكرها في «الذريعة» : ١ / ٢٥٠.
(٣) آل عمران : ٦٦ ـ ٨٧.
(٤) قال في الحاشية : إنّ مراد السيّد من الأخيرة هو ما تضمنته الجملة الأخيرة بحسب المفهوم ، يعني ومن طعمه فليس مني إلّا من اغترف غرفة بيده ، إذ المراد من الطعم الذّوق والمسّ لا الشرب بعنوان الذي كما هو ظاهر المراد من قوله تعالى : (فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ.) وإلّا فيشكل التمسّك ، فإنّ الاستثناء بالجملة الأولى ألصق وأليق كما فسّره ـ