قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ ،)(١) من غير قرينة على التجوّز.
وفيه : إنّ الاستعمال لا يدلّ على الحقيقة كما مرّ في محلّه.
واحتجّ الشافعيّة بوجوه (٢) ضعيفة ، أقواها وجوه ثلاثة :
الوجه الأوّل : أنّ حرف العطف يصيّر الجمل المتعدّدة في حكم المفرد ، وقرّروه على وجهين :
الأوّل : أنّ الجمل في قولنا : زيد أكرم أباه ، وضرب أخاه ، وقتل عبده ، في قوّة قولنا : زيد فعل هذه الأفعال. فكما أنّ ما يلي الجملة الواحدة من المخصّصات يرجع إليها ، فكذا ما في حكمها.
وفيه : منع واضح ، لأنّ العطف لا يقتضي إلّا مناسبة ما ومغايرة ما ، ووجوب إعطاء كلّ ما هو في قوّة شيء ، حكم ذلك الشيء ممنوع ، والقياس باطل سيّما في اللّغة.
والثاني : أنّ حكم الجمل المتعاطفة حكم الألفاظ المفردة ، فإنّ قولنا : اضرب الذين قتلوا وسرقوا وزنوا إلّا من تاب ، في قوّة قولنا : اضرب الّذين هم قتلة وسرّاق وزناة.
وفيه : مع ما تقدّم من المنع : إنّ ذلك مبنيّ على كون ذلك متّفقا عليه في المفردات ، والنزاع موجودة فيه أيضا.
__________________
ـ بعض المفسّرين إلا أن يكون المراد من الأخيرة التمثيل ، يعني واحد من الجمل لا كل واحد منها.
(١) البقرة : ٢٤٩.
(٢) نقلها السيّد في «الذريعة» : ١ / ٢٥٣ ، والرازي في «المحصول» : ٢ / ٥٥٨.