الثاني : أنّ الاستثناء بمشيّة الله إذا تعقّب جملا ، يعود الى الجميع بلا خلاف ، فكذا الاستثناء بجامع ، كون كلّ منها استثناء وغير مستقلّ.
وفيه : أنّ كونه استثناء ، ممنوع ، ولو سلّم فالإجماع فارق.
وقد يجاب (١) : بأنّ ذلك من باب الشرط لا الاستثناء ، وذلك يجوز في الشرط وشرطيّته ، والجواز في الشرط كلاهما ممنوعان.
وبيانه كونه ليس بشرط : أنّ الظّاهر من الشرط هو التعليق كما مرّ ، ولا ريب أنّ هذا الكلام لا يراد به تعليق الفعل على المشيّة بلا ريب ، وكثيرا ما يذكر في المنجّزات المقطوع بفعلها ، وإنّما يذكر ذلك من باب التسليم والتوكّل ، وبيان الاعتقاد بأنّه لا مناص عن مشيّة الله وإرادته وقدرته ، أو من جهة امتثال الأمر لئلّا يفوت المقصود.
وبالجملة ، المراد منه غالبا إيقاف الكلام عن النفوذ والمضيّ ، فإذا قال : أفعل كذا غدا ، فهو جازم في نفسه بأنّه يفعله ، لكن يظهر من نفسه أنّ صدور الفعل عنه لا يكون إلّا بمشيّة الله ، فهو جازم في الإيقاع ، شاكّ في الوقوع ، لعدم الاعتماد على نفسه. ويؤيّد ذلك أنّه يستعمل في الماضي أيضا ، مثل قولك : حججت وزرت إن شاء الله ، مع أنّ كلمة إن تصيّر الماضي مضارعا ، ومراد القائل الحج والزيارة في المضيّ. ولا يذهب عليك أنّ المراد ليس أنّهما مقبولتان إن شاء الله تعالى ، إذ هو خارج عن فرض المثال ، بل المراد نفس الحجّ والزيارة ، ومراده من التعليق بالمشيّة أنّ حصولهما إنّما كان بمشيّة الله وتوفيقه.
__________________
(١) وهذا الجواب من العضدي وذكره أيضا في «الفصول» : ص ٢٠٨.