وأمّا بيان كونه ليس باستثناء (١) ، فهو عدم اشتماله على شيء من أدواته ولو تكلّف بتأويل الشّرط بالاستثناء ، بأن يقال معناه : إلّا إن لم يشأ الله.
ففيه : الكلام السّابق في الشرط ، من أنّ المراد إنّما هو الإيقاف عن النفوذ والمضيّ لا التعليق.
نعم ، قد يستعمل هذه الكلمة في الشرط الحقيقي لو أريد به التعليق ، كما في صورة الشّكّ وعدم حصول الأسباب الظاهرة الغالبة اللزوم لحصول المسبّبات مثل : أن يسأل عمّن جامع امرأة مرّة ، هل انعقد ولد منك في الرّحم؟ فيقول : إن شاء الله انعقد وإن لم يشأ لم ينعقد.
وهذا ليس من باب المتداول (٢) في استعمال تلك الكلمة كما لا يخفى.
ثمّ إنّه لا محصّل للإجماع المدّعى (٣) في عود هذه الكلمة الى الجميع ، إذ ذلك مسألة لغويّة ، وانعقاد الإجماع على أنّ مراد كلّ من تكلّم بهذه الكلمة في الصّورة المفروضة هو الرجوع الى الجميع ، شطط من الكلام ، إلّا أن يقال : المراد الإجماع في كلّ ما ورد في كلام الشّارع ، أو يقال : إنّ المراد لزوم حمل (٤) كلام المسلم على ذلك ، لأنّه من توابع الإيمان والتوكّل والإذعان بهذا الأمر.
الوجه الثالث : أنّ الاستثناء صالح للرجوع الى الجميع ، والحكم بأولويّة البعض تحكّم ، فيجب عوده الى الجميع. كما أنّ ألفاظ العموم لمّا لم يكن تناولها لبعض أولى من الآخر ، تناولت الجميع.
__________________
(١) كما عرفت.
(٢) فالمضمون والمعنى المتداول غير هذا.
(٣) لما مرّ من أنّه لو سلّم فالإجماع فارق.
(٤) إنّ لزوم هذا الحمل الحمل الذي قاله الجميع صيّره إجماعا.