وفيه : أنّ الصّلاحيّة للجميع لا يوجب ظهوره فيه ، بل إنّما يوجب التجويز والشكّ ، والتعيين موقوف على الدّليل (١) ، وإخراج كلام الحكيم عن اللّغوية وعن الإجمال يحصل بتخصيص الأخيرة ، وإن لم يكن من باب التعيين ، فلا وجه لإخراج الباقي عن العموم الذي هو مقتضى الصّيغة ، سيّما إذا كان موافقا للأصل أيضا.
والقياس بألفاظ العموم في غاية الغرابة ، فإنّ دلالتها إنّما هي بالوضع ، لا لرفع التحكّم.
نعم ، يتمّ هذا القياس في مثل النّكرة المثبتة ، والجمع المنكّر ونحوهما ممّا يرجع الى العموم في بعض المقامات (٢) كما بيّناه في محلّه ، صونا لكلام الحكيم عن اللّغويّة ، مع أنّه أيضا تابع لحصول الفائدة (٣) ، فإذا حصل الفائدة بالأفراد الشّائعة أو أقلّ مراتب الجمع فلا ضرورة الى الحمل على الجميع.
وقد يتوهّم على القول بالاشتراك ، أنّ الظاهر (٤) هو العود الى الجميع ،
__________________
(١) ولا دليل على الجميع.
(٢) كمثل : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) في مقام الامتنان.
(٣) يعني انّ كل واحد من النكرة المثبتة والجمع المنكّر ونحوهما تابع لحصول الفائدة.
(٤) وقد ذهب الى ذلك بعض المتأخرين إلّا أنّ تعيين كل منهما لا يتوقف على القرينة ، وعند الاطلاق لا توقف كما ذهب إليه المرتضى ، بل الأظهر منه عوده الى الجميع ، وعند الاطلاق يحمل عليه. ولا مانع في أن يكون لفظ موضوعا لمعنيين إذا استعمل في كل منهما كان حقيقة فيه إلّا إذا كان أحدهما ظاهرا متبادرا منه عند الاطلاق ، فإنّه إذا أمكن أن يصير المجاز راجحا والحقيقة مرجوحة بحيث يتبادر المعنى المجازي من اللّفظ عند الاطلاق ، فيمكن بطريق أولى أن يصير أحد المعاني الحقيقية راجحا والآخر مرجوحا ، ولا ريب في أنّ اللّازم حينئذ عند الاطلاق حمله على الحقيقي لا ـ