الأصل لما هو ظاهر فيه حقيقة له (١) أو المراد منه غموضا (٢). وذلك لأنّ وضع الضمائر قد عرفت أنّه من قبيل الوضع العامّ وأنّ الموضوع له فيها كلّ واحد من خصوصيات الأفراد ، لكن بوضع واحد إجماليّ ، وبذلك يمتاز عن المشترك كما أشرنا إليه في أوّل الكتاب.
وعلى هذا فضمير المفرد المذكّر الغائب مثلا إذا استعمل في كلّ واحد من أفراد المفرد المذكّر الغائب ، يكون حقيقة ، وكذلك اسم الإشارة ، مثل : هذا ، لكنّها تحتاج في إفادة المعاني الى القرينة ، نظير استعمال النّكرة في الفرد المعيّن عند المتكلّم الغير المعيّن عند المخاطب ، فلا دخل لحقيقة المرجع ومجازه في وضع الضمير بهذا المعنى.
نعم ، لمّا كان المعتبر في وضع ضمير الغائب مثلا معهوديّة المرجع بين المتكلّم والمخاطب ولو بمقتضى الحال والمقام ، فلا بدّ أن يستعمل ضمير الغائب في المفرد المذكّر الغائب المعهود.
والعهد إن كان باللّفظ الذي أريد به المعنى الحقيقي أو كان بغير اللّفظ كمقتضى المقام أو بلفظ مجازيّ مقرون بالقرينة ، فلا إشكال في تحقّق الوضع الأصلي ووروده على مقتضاه حينئذ.
__________________
(١) هذا إشارة الى ما بيّن المجيب السّابق كلام خصمه عليه ولم يرض به ، كما أنّ قوله : أو المراد منه إشارة الى ما هو الحق عند المجيب ، فالترديد باعتبار الاختلاف الواقع بين المجيب وخصمه في وضع الضمير. هذا كما في الحاشية.
(٢) هذا اسم لأنّ في قوله : انّ في معنى كون الأصل ... الخ ، قدّم عليه خبره باعتبار كونه ظرفا. كما أفاده في الحاشية.