على وجوبه ، مع أنّ الظاهر أنّ لفظ الأولى في كلامهم بمعنى الواجب ، كما في قوله تعالى : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ.)(١) وإن أرادوا أنّه يجب تنزيل المتخالفين على احتمالين بحيث لا يوجب طرحهما ، ويكون ذلك مستندا شرعيّا ودليلا في جميع الموارد ، حتى في معنى مجازي لم يظهر له قرينة في نفس المتعارضين ولا في الخارج ، بل لمحض احتمال عقليّ لرفع التناقض ، فلا دليل على جواز ذلك فضلا عن وجوبه وجعله مستندا شرعيّا ، فإنّه يؤول الى الخروج عن كلام الشّارع رأسا ، وفي العمل بأحدهما ، عمل بكلامه في الجملة ، فلا بدّ أن يكون مراد القوم من الأولويّة إمّا مطلق الرّجحان ، أو الوجوب فيما يمكن جمع يوافق طريقة متفاهم أهل اللّسان كالتخصيص وغيره ، ويكون غيره داخلا في غير الممكن ، فالمراد من الإمكان ما يعمّ الإمكان بملاحظة العرف.
ثمّ إنّ مجرّد ظهور القرينة من نفس المتعارضين أو غيرهما على مجازيّة أحدهما أو كليهما ، لا يوجب الذّهاب الى الاعتماد عليها وإعمالها ، إلّا إذا لم يوجب ترجيح المرجوح ، فإنّ حمل اللّفظ على المجاز في الحقيقة خروج عن مقتضى الدليل لدليل آخر ، وهو لا يصحّ إلّا إذا تساويا أو ترجّح القرينة على مقتضى حقيقة اللّفظ ، فلا بدّ من ملاحظة التّرجيحات في مقام الإرجاع أيضا كما تراهم يعتبرون ذلك في القانون الآتي وغيره أيضا.
ويظهر بذلك ضعف ما ذكره العضدي وغيره من لزوم الجمع بين الدليلين ، وإن كان بإرجاع الأقوى الى الأضعف.
__________________
(١) الانفال : ٧٥.