والخطابات الشفاهيّة (١) وما في منزلتها ، مخصوصة بالحاضرين ، كما تقدّم ، وربّما كانت مقترنة (٢) بقرائن تخرجها عن الظاهر قد اختفى علينا كما ظهر في مواضع كثيرة ، ووجوده في غير ما ظهر أيضا محتمل ، فلم يبق القطع بالمراد فيما لم يظهر ، وخبر الواحد المخالف لظاهره يمكن أن يكون من جملة تلك القرائن ، وعدم اقتران القرينة باللّفظ لا يوجب تأخير البيان عن وقت الحاجة ، إذ ربّما كانت مقترنة بها من جهة الحال لا من جهة المقال ، أو كانت مقترنة بالقول منفصلة (٣) عن ظاهر القرآن أو لم تكن مقترنة بها ولم يكن حينئذ وقت الحاجة ونحو ذلك. وشراكتنا للحاضرين في التكليف إنّما هو فيما علم المراد منها أو ظنّ ، فإذا لم يمكن العلم بالمراد وأنّ تكليف الحاضرين أيّ شيء كان ، فلا ريب في الاكتفاء بما ظنّ أنّه مراد ، فأين العلم!
وممّا ذكرنا (٤) ، يظهر النقض بحصول العلم بمدلول خبر الواحد أيضا لكونه خطابا بما له ظاهر لمخاطبه ، فيحصل من ذلك قوّة أخرى في الخبر أيضا ، مع أنّ جواز العمل بظاهر الكتاب من المسائل الاجتهادية قد خالف فيه الأخباريّون. والتمسّك في حجيّته وإثبات جواز العمل به بالأخبار يحتاج الى دفع الأخبار المعارضة ، وبالإجماع (٥) ، مدفوع بمنعه في موضع النّزاع.
__________________
(١) كالأخبار وما في منزلتها هو القرآن أو من ما في منزلتها هو الفعل او التقرير وذلك لانصراف إطلاق الخطاب الى القول.
(٢) دفع لما يقال من أنّ الظاهر عندهم بعينه هو الظاهر عندنا.
(٣) أو متصلة ولكن قد خفيت علينا.
(٤) من أنّ الخطاب بما له ظاهر وإرادة غيره قبيح ... الخ.
(٥) عطف على قوله : بالأخبار.