وفيه ما لا يخفى ، إذ ذكر ذلك ابن الحاجب ومن تبعه في مقام بيان جواز تخصيص الكتاب بالكتاب ، وكلامهم هذا في مقام الردّ على الظاهريّة حيث منعوا ذلك محتجّين بقوله تعالى : (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ،)(١) والتخصيص بيان ، فيجب أن يكون بالسنّة.
وأجابوا (٢) عن ذلك : بالمعارضة بقوله تعالى في صفة القرآن : (تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ ،)(٣) وبأنّ معنى البيان منه صلىاللهعليهوآله تلاوته للآية المخصّصة ، وبأنّ بيانه مختصّ بالمشتبه ، ومع وجود المخصّص من الكتاب ، لا اشتباه.
ويندفع كلام الظاهريّة بمحض إثبات مطلق التّخصيص وإن كان بمعاونة المرجّح الخارجيّ ، وإطلاق التّخصيص على قصر أحد العامّين (٤) من وجه على بعض أفراده بسبب العامّ (٥) الآخر ، لا يوجب كون مطلق البحث في بناء العامّ على الخاصّ بقول مطلق أعمّ من المقامين كما لا يخفى.
هذا (٦) على مذهب العامّة ، وأمّا الإماميّة فلمّا كان مذهبهم اعتبار أبعد الأجلين ، فيجمعون بين الآيتين على غير صورة التخصيص المصطلح بأنّ المراد أنّ المتوفّى عنها زوجها تتربّص أربعة أشهر وعشرا ، إلّا إذا كانت حاملا ولم تضع حملها بعد ؛ فتصبر حتّى تضع ، والحامل تصبر حتّى تضع الحمل إلّا إذا كان متوفّى
__________________
(١) النحل : ٤٤.
(٢) منهم العلّامة في «التهذيب» : ص ١٤٦.
(٣) النحل : ٨٩.
(٤) وهو عموم آية الوفاة حيث إنّها مقصورة على غير وأولات الأحمال.
(٥) أي عموم آية وأولات الاحمال.
(٦) أي قصر أحد العامين من وجه على الآخر.