وقد يستشكل : بأنّ الأخبار (١) وردت في تقديم ما هو مخالف العامّة أو ما هو موافق الكتاب ونحو ذلك ، وهو يقتضي تقديم العامّ لو كان هو الموافق للكتاب أو المخالف للعامّ أو نحو ذلك.
وفيه : أنّ المبحث منعقد لملاحظة العامّ والخاصّ من حيث العموم والخصوص لا بالنظر الى المرجّحات الخارجية ، إذ قد يصير التجوّز في الخاصّ أولى من التخصيص في العامّ من جهة مرجّح خارجي وهو خارج عن المتنازع.
وممّا ظهر لك من اتّفاق العلماء ـ إلّا من شذّ منهم (٢) ـ على بناء العامّ على الخاصّ في صورة الاقتران من جهة محض العموم والخصوص ، يتّضح لك بطلان تعميم المبحث بحيث يشمل العامّ والخاصّ من وجه لما ذكرنا سابقا (٣).
القسم الثاني : وهو ما علم تقدّم العامّ وتراخي زمان صدور الكلام المشتمل على الخاصّ ، فإمّا أن يكون ورود الخاصّ بعد حضور وقت العمل بالعامّ فيكون ناسخا لا تخصيصا للزوم تأخير البيان عن وقت الحاجة.
__________________
(١) في حاشية : ولعلّه من الشيرواني أيضا ، وذكر سلطان المحققين في تعليقاته على «المعالم» ص ٣٠١ في طيّ قول المصنّف به : قد وردت روايات تدلّ على أنّه إذا وردت إليكم روايات منّا متخالفة فاعملوا بما يخالف مذهب العامّة. وهذا يقتضي انّ الخاص لو كان موافقا لمذهب العامّة يقدّم العام عليه ، إلّا أن يحمل التخالف في الروايات المذكورة على ما لا يمكن الجمع بينهما ، ويجب طرح أحدهما فيطرح ما هو موافق للعامة. وفيما نحن فيه يمكن الجمع بينهما بحمل العام على الخاص. انتهى.
(٢) كبعض الحنفيّة.
(٣) من أنّ كل واحد منهما من جهة العموم والخصوص مع قطع النظر عن المرجّحات الخارجة ، بل للبناء على الآخر فيلزم حينئذ تساقطهما جميعا وبطلانهما رأسا.