وقد يستشكل (١) ذلك في أخبارنا المرويّة عن أئمتنا عليهمالسلام فإنّه إذا كان الخاصّ في كلامهم فيلزم وقوع النّسخ بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله وهو باطل لانقطاع الوحي بعده.
وبهذا يظهر إشكال آخر أورده بعضهم (٢) أيضا ، وهو أنّه يلزم عدم جواز العمل بأخبار الآحاد المخصّصة للكتاب أو الأخبار النبويّة رأسا ، للزوم تأخير البيان عن وقت الحاجة.
والأوّل : مدفوع : بأنّ لزوم النسخ إنّما هو إذا علم أنّ هذا البيان والتخصيص كان من الرّسول صلىاللهعليهوآله بعد حضور وقت العمل ، لا مجرّد تراخي رواية الإمام عليهالسلام من حيث هو عن زمان العامّ ، فإنّ الأئمة عليهمالسلام حاكون عن النبيّ صلىاللهعليهوآله لا مؤسّسون للشريعة ، فلا بدّ في لزوم الحكم بالنسخ من إثبات أنّ الخبر الخاصّ من حيث إنّه ناسخ ، متأخّر عن زمان العمل بالعامّ وهو غير معلوم ، بل خلافه معلوم لاتّفاقهم ظاهرا على أنّ الأحكام الكلّيّة بعد الرّسول صلىاللهعليهوآله باقية الى يوم القيامة ، وإن لم يمتنع عقلا أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله أخبر خلفاءه بأنّ الحكم الفلاني باق بعدي الى الزّمان الفلاني ثمّ ينسخ ، فعليكم بإجرائه الى ذلك الحين وإخفاء غايته ، ثمّ بيان الغاية عند انتهاء المدّة.
وبذلك ظهر الجواب عن إشكال لزوم تأخير البيان أيضا.
والحاصل ، أنّ الأئمة عليهمالسلام ، يظهرون ما وصل إليهم عن النبيّ صلىاللهعليهوآله وينشرون ما وقع في زمانه ويبيّنون ما أراده الله في كتابه وما رام النبيّ صلىاللهعليهوآله من سنّته ، فحالهم مع الأمّة كحال الفقيه مع مقلّده. وقد أشار الى بعض ما ذكرنا الفاضل المدقّق
__________________
(١) المستشكل الذي أراده المصنّف هو سلطان العلماء كما يظهر من بعض كلماته في حاشيته على «المعالم» ص ٣٠٢.
(٢) لعلّ المراد هو السيد صدر الدّين. وفي حاشية هو الفاضل الشيرواني.