بيان الملازمة : إنّ دلالة الخاصّ على مدلوله قطعيّ ، ودلالة العامّ محتمل لجواز أن يراد به الخاصّ. ومرجع هذا الاستدلال الترجيح من جهة قوّة الدّلالة بسبب النصوصيّة وإن لم يكن قطعيّا في معناه كما أشرنا إليه مرارا (١) ، ولا بأس به.
وترك صاحب «المعالم» الاستدلال به ، وقال في «الحاشية» : إنّما عدلنا عنه في الأصل لأنّه لا يتمّ إلّا في بعض صور المعارضة ، وهو ما يكون فيه الخاصّ خاليا من جهة عموم ليكون قطعيّ الدّلالة ، إذ لو كان له عموم من جهة أخرى ، لم يكن قطعيّا ، فليتأمّل ، انتهى.
والظاهر أنّه أراد ممّا يكون فيه الخاصّ خاليا من جهة عموم ما كان جزئيّا حقيقيا مثل المثال الذي سنذكره (٢) ، فإنّ الخاصّ الكليّ أيضا عام وظاهر في معناه لا قطعيّ ، وحسب الفاضل المدقّق انّه أراد بذلك ما كان الخاصّ أعمّ من وجه من العامّ ، وجعل ذلك شاهدا على دعواه من عموم محلّ النزاع ، بل جعله صريحا في ذلك ، وأنت خبير بما فيه.
أمّا أوّلا : فلأنّه لا وجه لجعل المعارضة بين العامّ والخاصّ المطلقين من بعض صور المعارضة (٣) مشعرا بقلّته ، بل هو الأغلب.
وأمّا ثانيا : فلأنّ مقتضى ذلك أن يكون الدّليل الذي ذكره في الأصل من أنّ العمل بالعام يقتضي إلغاء الخاصّ دون العكس جاريا في المعنيين ، وهو ممّا لا
__________________
(١) من الموضع الذي أشار فيه الى هذا المطلب هو قانون جواز تخصيص الكتاب بالكتاب.
(٢) في الوجه الذي سنذكره من وجوه النسخ وهو الوجه الأوّل منها والمثال هو إذا قال القائل : اقتل زيدا ثم قال : لا تقتل المشركين.
(٣) كما في عبارة صاحب «المعالم» كما عن الحاشية.