بين الطلوعين واسطة (١).
والتحقيق عندي القول الأوّل ، ولكنّي أقول : إنّ من اشتغل من أوّل طلوع الشمس الى الغروب بعمل فيصدق عليه أنّه عمل يوما حقيقة ، فلو صار أجير يوم برء ذمّته. وكذا لو وقع مورد نذر ، وكذا لو دخل في بلد في أوّل طلوع الشمس يحسب ذلك اليوم من أيام إقامته.
وبيان ذلك ، أنّ هذا من خواصّ الإضافة لا أنّ المضاف إليه حقيقة في هذا القدر ، فهذا عمل يوم حقيقة وإقامة يوم حقيقة ، لا أنّه عمل في اليوم الحقيقي وإقامة في اليوم الحقيقي ، فهذا حقيقة عرفيّة للتركيب الإضافي ، ولذلك يقال : نمت ليلة في هذه الدّار ، ويراد منه القدر المتعارف بعد التعشّي والجلوس بعده ، وهو معنى حقيقي ، وعليه يتفرّع مقدار المضاجعة في قسم الزّوجة ، وهكذا في النظائر. فلو قيل : فلان ضرب زيدا ، فلا ريب أنّه حقيقة ، وإن كان الضرب وقع على بعض أعضائه ، وكذلك لو قال : جرح زيدا ، وكذلك : جرح يده ورجله ، ونحو ذلك. ولكن إذا قيل : أبن يده عن جسده ، لا يتأمّل في أنّ المراد هو مجموع العضو الى المنكب (٢) ، ولا يسأل : هل أبين كفّه أو ساعده أو عضده. وكذلك إذا قيل : اغسل جسدك ، يفهم منه تمام الجسد. وأمّا إذا قيل : جرح يد زيد أو جسد زيد أو ضرب على جسد زيد ، لا يفهم تمامه ، بل يكفي حصوله في الجملة ، ولذلك يحسن الاستفهام بأنّه في أيّ موضع منه ، لا أيّ يد ولا أيّ جسد.
وعلى هذا ، فإذا قيل : اغسلوا وجوهكم ، فيجب غسل تمام الوجه ، وكذلك :
__________________
(١) أي واسطة بين النهار واللّيل وما سوى تلك الواسطة من طرف النهار نهار ومن طرف اللّيل ليل ، بخلاف القول بأنّ النهار ما بين طلوع الشمس الى الغروب ، فإنّ الواسطة المذكورة حينئذ من اللّيل. فظهر الفرق بين القولين.
(٢) وفي ذلك نظر.