اغسلوا أيديكم ، لو لم يكن قوله تعالى : (إِلَى الْمَرافِقِ ،)(١) وكذلك لو قيل : امسحوا رءوسكم. ولذلك اختلفوا في قوله تعالى : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ ،)(٢) مع ذكر الباء في كونه مجملا (٣) وعدمه.
ونحن قد تخلّصنا عن الإجمال ببيان أئمتنا : من كون الباء للتبعيض بالنصّ الصّحيح(٤).
واختلف الناس فيه على أقوال : فذهب الحنفيّة (٥) الى أنّها مجملة وبيّنها النبيّ صلىاللهعليهوآله بمسح ناصيته. ودليله أنّ الباء إذا دخلت في محلّ المسح تعدّى الفعل
__________________
(١ و ٢) المائدة : ٦.
(١ و ٢) المائدة : ٦.
(٣) فمن جعلها زائدة كالبيضاوي في تفسيره ١ / ٤١٣ جعل المسح للجميع. ومن جعلها للتبعيض جعلها للبعض ، وعلى أي من التقديرين مبيّنة. ومن ردّ الباء بين المعنيين جعلها مجملة.
(٤) منه ما رواه محمد بن يعقوب عن علي بن ابراهيم عن أبيه ومحمد بن اسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن حمّاد بن عيسى عن حريز عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : ألا تخبرني من أين علمت وقلت انّ المسح ببعض الرأس وبعض الرّجلين؟فضحك فقال : يا زرارة ، قاله رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ونزل به الكتاب من الله عزوجل ، لأنّ الله عزوجل قال : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) فعرفنا ان الوجه كلّه ينبغي ان يغسل. ثم قال : (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) فوصل اليدين الى المرفقين بالوجه ، فعرفنا انّه ينبغي لهما ان يغسلا الى المرفقين ، ثمّ فصل بين الكلام فقال : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) فعرفنا حين قال : (بِرُؤُسِكُمْ) انّ المسح ببعض الرأس لمكان الباء. ثم وصل الرجلين بالرأس ، كما وصل اليدين بالوجه ، فقال : (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ.) فعرفنا حين وصلهما بالرأس أنّ المسح على بعضهما. ثم فسّر ذلك رسول الله ٩ للناس فضيّعوه.
الحديث «الوسائل» ج ١ باب ٢٣ ح ١ [١٠٧٣].
(٥) في «المحصول» ٢ / ٦٢٧ بعض الحنفيّة.