الى الآلة فيستوعبها دون المحلّ كما في الآية ، وإذا دخلت في آلة المسح تعدّى الفعل الى محلّه فيستوعبه دون الآلة ، مثل : مسحت رأس اليتيم بيدي ، وموجب ذلك في الآية مسح بعض الرأس ، والبعض يحتمل السّدس والرّبع وغيرهما.
وفيه : أنّ المراد هو مطلق البعض ومسمّاه وهو يحصل في ضمن أيّ الأبعاض اختاره ، فلا إجمال.
وذهب جماعة منهم الى وجوب مسح الكلّ (١) لمنعهم مجيء الباء للتبعيض ، ويقولون انّه للإلصاق ، والعضو حقيقة في المجموع.
وذهب بعضهم الى القدر المشترك لمجيئها لكلا المعنيين ، والمجاز والاشتراك خلاف الأصل فتعيّن القدر المشترك (٢).
ووافقنا جماعة منهم (٣) بأنّها للتبعيض ، مدّعين أنّها إذا دخلت على اللّازم كانت للتعدية ، وإذا دخلت على المتعدّي كانت للتبعيض ، ولأنّ العرف إنّما يفهم في مثل : مسحت يدي بالمنديل ، البعض.
وأجيب : بالمنع ، وبأنّ الباء في المنديل للاستعانة والآليّة وهو يقتضي ذلك ، بخلاف ما نحن فيه.
والحقّ مجيئه للتبعيض كما هو مذهب الكوفيين ، ونصّ الأصمعي على مجيئها له في نظمهم ونثرهم ، وهو المنقول عن أبي علي الفارسي وابن كيسان ، وعدّه صاحب «القاموس» (٤) من معانيه ، وكذلك ابن هشام في
__________________
(١) وهو منقول عن مالك ومن تبعه.
(٢) راجع «المحصول» ٢ / ٦٢٧.
(٣) بعض الشافعيّة كما من «المحصول» ٢ / ٦٢٧ ، فذهبوا إلى ما نذهب إليه.
(٤) الفيروزآبادي ص ١٢٣٩.