وقع السّؤال تعنّتا ، فشدّد الله عليهم. ونقل عن ابن عباس أنّه قال : لو ذبحوا أيّ بقرة لأجزأتهم ولكنّهم شدّدوا على أنفسهم فشدّد الله عليهم (١).
وفي «عيون أخبار الرضا عليهالسلام» عنه عليهالسلام : «لو عمدوا الى أيّ بقرة أجزأتهم ولكنّهم شدّدوا على أنفسهم فشدّد الله عليهم» (٢).
أقول : ظاهر تنكير (بقرة) يندفع بالقرائن المتأخّرة.
وقوله : (وَما كادُوا يَفْعَلُونَ.)(٣) يعني من جهة التّواني في الامتثال ومن جهة عظم ثمن البقرة ، فقد روي : أنّه بلغ الى ملء مسكها ذهبا فأرادوا أن لا يفعلوا ، ولكن اللّجاج حملهم على ذلك واتّهامهم موسى حداهم عليه.
وأمّا قول ابن عباس ، فعلى فرض تسليمه لا حجّة فيه.
وأمّا حديث العيون فمعارض بما في تفسير الإمام عليهالسلام ، وبما في تفسير عليّ بن ابراهيم عن الصادق عليهالسلام (٤) وغيرهما.
ومنها : قوله تعالى : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ،)(٥) و : (وَالسَّارِقُ
__________________
(١) «مجمع البيان» : ١ / ٤٩٤. عند تفسيره للآية ٦٨ من سورة البقرة ، علما أنّه ليس في الرواية لو ذبحوا أي بقرة لأجزأتهم. وإنّما في الرواية : انّهم امروا بأدنى بقرة. نعم في «العيون» و «العياشي» عن الإمام الرضا عليهالسلام : لو عمدوا الى أي بقرة أجزأتهم.
(٢) «عيون أخبار الرضا عليهالسلام» : ١ / ١٦ ح ٣١.
(٣) البقرة : ٧١.
(٤) لم أجد في تفسير علي بن ابراهيم ما يعارض ما جاء في «العيون». ويمكن أنّه فهم التعارض مما جاء في القصّة : وأمر بني اسرائيل أن يذبحوا تلك البقرة بعينها. وليس هذا واضحا في ذلك.
(٥) البقرة : ١١٠.