فرض أنّ فقيها له تلامذة ثقات عدول لا يروون [يردون](١) إلّا عن رأي فقيههم ولا يصدرون إلّا عن معتقده ، فاجتمعوا على فتوى من دون أن يسندوه إلى فقيههم ولم يعلم مخالفة لأحدهم فيه ، يمكن حصول العلم بذلك بأنّه رأي فقيههم ، فكذلك يمكن العلم بفتوى جمع كثير من أصحاب الصّادق عليه الصلاة والسلام من قبيل زرارة بن أعين ومحمّد بن مسلم وليث المرادي وبريد بن معاوية العجلي والفضيل بن يسار من الفضلاء الثّقات العدول وأمثالهم من دون ظهور مخالف منهم ، أنّ ذلك فتوى إمامهم عليهالسلام ومعتقده. وطريقة ذلك هو الحدس (٢) والوجدان ، وهذه طريقة معروفة لا يجوز إنكارها ، فإذا حصل العلم بذلك بمعتقد الإمام عليهالسلام ، فلا ريب في حجّيته ، بل يمكن أن يدّعى ثبوته في أمثال زماننا أيضا بملاحظة تتبّع أقوال علمائنا ، فإنّه لا شكّ في أنّه إذا أفتى فقيه عادل ماهر بحكم ، فهو بنفسه يورث ظنّا
__________________
(١) بالدّال بعد الرّاء ويمكن أن تكون هي المناسبة لقوله : لا يصدرون. ولا يروون بالواو بعد الرّاء.
(٢) الحدس في اللغة الظنّ والتخمين ، وفي اصطلاح أهل الميزان هو الانتقال الدفعي من المبادئ الى المطالب. والحدسيّات من الأمور الغير المشاهدة بالحسّ الظاهري التي تسمى بالحسيّات ، وغير المشاهدة بالحسّ الباطني التي تسمى بالوجدانيّات. وإذا كان حصولها موقوفا على الواسطة لكن لا واسطة ، لا تغيب عن الذهن عند حصول الأطراف ، كما في الفطريات التي تسمى قضايا قياساتها معها بلا واسطة ، تحتاج الى اعمال الحدس كما في قولنا : نور القمر مستفاد من الشمس. وأمّا الوجدانيّات فهي المشاهدات بالحسّ الباطني مثل قولنا : إنّ لنا جوعا وعطشا. فقول المصنّف هو الحدس والوجدان إنّ العطف فيه للمغايرة لا أنّ العطف فيه تفسيري كما قد يتوهم في بادئ النظر. فالحدس بالنسبة الى ملاحظة العلم الحاصل لغير الشخص من تلك الملاحظة ، والوجدان بالنسبة الى العلم الحاصل لنفس هذا الشخص ، ويجوز جعل العطف تفسيريا على وجه مع المسامحة في استعمال الوجدان بمعنى الحدس ، فتأمل هذا ما في الحاشية.