بحقيّته وأنّه مأخوذ من إمامه ، وإذا ضمّ إليه فتوى فقيه آخر مثله يزيد ذلك (١) الظنّ ، فإذا انضمّ إليه آخر وآخر حتّى استوعب فتواهم بحيث لم يعرف لهم مخالف ، فيمكن حصول العلم بأنّه رأي إمامهم ، وإذا انضمّ إلى ذلك البعض المؤيّدات الأخر ، مثل أنّ جمعا منهم نسبوه في كتبهم إلى مذهب علمائنا ، وجمعا منهم نفى الخلاف فيه ، وبعضهم ذكر المذهب مع سكوته عن ذكر مخالف ، بل وإذا رأى بعضهم أو جماعة منهم ذكر في كتابه أنّه إجماعيّ ، فيزيد ذلك الدّعوى وضوحا ، وإذا انضمّ إلى ذلك كون الطّرف المخالف مدلولا عليه بأخبار كثيرة صحيح السند ، فيزيد وضوحا أكثر ممّا مرّ.
وإذا انضمّ إلى ذلك عدم ورود خبر في أصل الحكم أو ورود خبر ضعيف غير ظاهر الدّلالة ، فيتّضح غاية الوضوح.
وإذا انضمّ إلى ذلك (٢) ملاحظة اختلاف مشاربهم ووقوع الخلاف بينهم في أكثر المسائل ، وقلّما يوجد خبر ضعيف إلّا وبه قائل ، وملاحظة غاية اهتمامهم في نقل الخلافات ولو كان قولا شاذّا نادرا ، بل القول النّادر من العامّة فضلا عن الخاصّة ، وملاحظة أنّهم لا يجوّزون التقليد للمجتهدين سيّما تقليد الموتى ، وأنّ كثيرا منهم يوجبون تجديد النظر.
فلو قيل : لا يمكن حصول العلم من جميع ذلك بأنّ الباعث على هذا الاجتماع هو كونه رأيا لإمامهم ورئيسهم الواجب الإطاعة على معتقدهم ، سيّما ولا يجوّزون العمل بالقياس والاستحسان والخروج عن مدلولات النصوص ، وخصوصا مع كون القياس وأمثاله من الأدلّة العقليّة ممّا يختلف فيه المشرب غاية الاختلاف ، من جهة تخريج المناط بالمناسبات الذوقيّة واستنباط العلّة بالترديد
__________________
(١) الذي يذهب اليه من الفتوى.
(٢) وجوابه قوله الآتي : فلو قيل.