والدوران ونفي الفارق ونحو ذلك ، لكان ذلك مكابرة صرفة (١) لا يستحقّ منكره الجواب ، بل الظاهر أنّ مدار كلّ من يدّعي الإجماع من علمائنا المتأخّرين على هذه الطريقة ولا يتفاوت فيه زمان الغيبة والحضور ، مع أنّه إذا كان يمكن حصول العلم بمذهب الرئيس إلى حدّ الضّرورة كما وصل في ضروريّات الدّين والمذهب كوجوب الصّلوات الخمس (٢) ، ومسح الرّجلين ، وحلّية المتعتين (٣) ، فجواز حصول العلم إلى حدّ اليقين بالنظر (٤) أولى.
وكما أنّه يجوز أن يصير بعض أحكام النبيّ صلىاللهعليهوآله والإمام عليهالسلام بديهيا للنساء والصبيان ، بحيث يحصل لهم العلم بالبديهة أنّه من دين نبيّهم ومذهب إمامهم بسبب كثرة التضافر والتسامع ، فكذا يجوز أن يصير بعض أحكامه يقينيّا نظريا للعلماء بسبب ملاحظة أقوال العلماء وفتاوى أهل هذا الدّين والمذهب ، إذ الغالب في الضّروريات أنّه مسبوق باليقين النظري ، فكيف يمكن حصول المسبوق بدون حصول السّابق؟
وبالجملة ، فعلى هذه الطريقة ، الإجماع عبارة عن اجتماع طائفة دلّ بنفسه أو مع انضمام بعض القرائن الأخر على رضا المعصوم عليهالسلام بالحكم ، ويكون كاشفا عن رأيه فلا يضرّه مخالفة بعضهم.
ولا يشترط فيه وجود مجهول النّسب ، ولا العلم بدخول شخص الإمام عليهالسلام فيهم ، ولا قوله عليهالسلام فيهم ، ولا يتفاوت الأمر بين زمان الحضور والغيبة ، ويعلم من ذلك أنّه لا يشترط وحدة العصر في تعريفهم الإجماع أيضا ، بل يجوز انضمام أهل عصر آخر في إفادة المطلوب.
__________________
(١) هو جواب لقوله : فلو قيل لا يمكن حصول العلم من جميع ذلك ... الخ.
(٢) وهذا من جملة ضروريات الدّين.
(٣) الحجّ والنساء وحلّيتهما من ضروريات المذهب ، بعد أن كان عمر أوّل من حرّمهما.
(٤) بالتكسب.