اليقين إلّا التّسامع والتضافر بدون إنكار المنكر مع ملاحظة اقتضاء العادة ذكر المخالفة لو كان هناك مخالف ، فكذلك في الإجماعي. الوجه هو ملاحظة تسامع العلماء وتضافرهم واتّفاقهم في الفتوى ، مع كون العادة قاضية بذكر الخلاف لو كان ، فوجود المخالف لو فرض في عصر التتبّع وحصول الحدس فهو من باب النّادر الذي ذكرنا في الضّرورة ، بأن يكون بحيث ثبت عندهم غفلته وخطأه من أجل شبهة ، أو لم يقفوا عليه وأدّى اجتهادهم وسعيهم إلى الاعتماد على حدسهم الذي استقرّ عليه رأيهم ، إذ لا ننكر احتمال الخطأ في مدّعي الإجماع كما سنحقّقه فيما بعد.
وبالجملة ، فكما يمكن حصول العلم بضروريات الدّين من جهة تسامع وتضافر العلماء والعوامّ والنسوان ، فيمكن حصول العلم بالنظريات (١) من تسامع العلماء وتظافرهم ، وهذا نسمّيه إجماعا. ونظير ذلك في المتواترات موجود ، فإنّ التواتر قد يحصل من دون طلب وتتبّع كما لو جاء ألف رجل من مكّة وأخبروا بوجود مكّة ، فيحصل العلم اليقيني بذلك للعلماء والنّسوان والصبيان ، وقد يحتاج ذلك إلى تتبّع وإعمال رويّة ، كقوله عليهالسلام : «إنّما الأعمال بالنيّات» (٢) ، على ما ذكروه ، فإنّ اليقين بكون ذلك قول النبيّ صلىاللهعليهوآله مختصّ بالعلماء ، بل ببعضهم لاحتياجه إلى معرفة الوسائط وتعدّدها بالعدد المعتبر في كلّ طبقة ، فهناك النظر إلى كثرة الرّواة والنقلة (٣) وثمّة إلى كثرة المفتين (٤) والقائلين والعاملين.
ولنرجع إلى بيان مدرك الإجماع على طريقة العامّة ، وهو من وجوه.
__________________
(١) كالتي تحتاج الى التتبع والطلب.
(٢) «تهذيب الأحكام» : ٤ / ١٨٦ ح ٥١٩ ، «الوسائل» : ٦ / ٥ ح ٧١٩٧.
(٣) وهذا في المتواتر.
(٤) وهذا في الاجماع.