وما قيل : إنّ مشاقّة الرّسول كافية فيه مستقلّا ، فلا حاجة إلى ضمّ غيره.
ففيه : أنّه كذلك لكن متابعة غير سبيل المؤمنين غير مستقلّ بذلك حتّى تنضمّ إلى مشاقّة الرّسول ، فلا يتمّ الاستدلال والتمسّك بأصالة الاستقلال في كلّ منهما ، وأنّ الأصل عدم انضمام كلّ منهما إلى الآخر باطل ، لفهم العرف الانضمام في مثل قولك : من دخل الدّار وجلس فله درهم ، مع أنّ القيد المعتبر في المعطوف عليه ، وهو تبيّن الهدى ؛ معتبر في المعطوف ، والهدى في المعطوف هو دليل الإجماع ، فلم يثبت حجّيته.
وأيضا سبيل المؤمنين ليس على حقيقته ، ومن أقرب مجازاته دليلهم وهو مستند الإجماع لا نفسه.
هذا جملة ممّا ذكروه (١) في هذا المقام ، وقد أطنب الأصحاب (٢) في هذا المقام بما لا حاجة إلى إيرادها ، والأوجه أن يقال : المراد بسبيل المؤمنين الإيمان ، وهو ما صاروا به مؤمنين.
__________________
ـ والقدر المسلّم منه إن كان نصا في المطلق لا مطلق الظواهر ، وهذه الآية ليست بنص في المطلوب لاحتمال إرادة الوعيد على المجموع من حيث المجموع لا على كل واحد من المشاقة وعدم الاتباع. وإن قلنا انّ الواو لمطلق الجمع لا للمعيّة ولا للترتيب ، بل الظاهر هو إرادة المجموع من حيث المجموع بفهم العرف ذلك كما في قولك : من دخل الدار وجلس فله درهم ، بل الظاهر انّ ذكر عدم متابعة المؤمنين إنّما هو بالتّبع ، والمقصود بالذّات هو الوعيد على المشاقة.
(١) من الايرادات. وقد تمسّك الشافعي بالآية على مذهبه ، بل وكثير من بعده ، وقد نقلها الغزالي في «المستصفى» ١ / ١٧٢ ، وقد أطنب الغزالي في كتابه «تهذيب الأصول» في توجيه الأسئلة على الآية ودفعها.
(٢) ربما مقصوده الشيخ في «العدة» ٢ / ٦٠٥ والسيد في «الذريعة» ٢ / ٦٠٨.