حجّيته (١) وإن اختلفوا أيضا في انحصارها في إجماع الصّحابة (٢) وأهل المدينة (٣) وعدم الانحصار.
واستدلّ القائلون بحجيّته : بوجوه من العقل والنقل ، من الآيات والأخبار ، ونحن نقتصر بما هو أظهر دلالة منها.
فأمّا الآيات ، فمنها قوله تعالى : (وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ)(مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ)(٤) الآية (٥).
فإنّه تعالى جمع في الوعيد بين مخالفة سبيل المؤمنين ، ومشاقّة الرسول صلىاللهعليهوآله ، ولا ريب في حرمة الثاني فكذا الأوّل.
وفيه : أنّ الوعيد على المجموع من حيث المجموع ، لا على كلّ واحد (٦).
__________________
(١) وجمهورهم على أنّه حجّة شرعيّة يجب العمل به واختلفوا فيه على ثلاثة أقوال : حجّة قطعيّة وحجّة ظنيّة وقول ثالث على أنّ الإجماع الصريح والنطقي حجّة قطعيّة والإجماع السكوتي حجّة ظنيّة.
(٢) راجع «الحصول» ٣ / ٨٦٩ ، «البحر المحيط» للزركشي ٤ / ٤٨٢.
(٣) راجع «المحصول» ٢ / ٨٦٠ ، «البحر المحيط» ٤ / ٤٨٣.
(٤) النساء : ١١٥.
(٥) قال الشيخ البهائي في معنى قوله تعالى : (ما تَوَلَّى) في الآية : نجعله واليا لما تولّى من الضلالة ونخلّي بينه وبين ما اختاره.
(٦) قال في الحاشية : توضيح هذا وتتميمه أن يقال : إنّ اثبات حجّية الإجماع بهذه الآية موقوف على حجّية الكتاب ، ودليل حجّية الكتاب ، ودليل حجّية الكتاب إن كان هو الإجماع فيلزم الدّور.
وإن كان هو الروايات مثل خبر الثقلين ونحوه ، فإن كانت أخبار آحاد فلا يفيد إلّا الظنّ ، وكفاية الظنّ في مثل هذا الأصل الذي هو مبنى دينهم هو أوّل الكلام ، وإن كانت متواترة فالقدر المسلّم إنّما هو لفظ الرّواية وهو لا يفيد إلّا القطع بحجّيته في الجملة. ـ