وظنّ ، بل لا يكون قطعهم إلّا عن قاطع ، فوجب الحكم بوجود نصّ قاطع بلغهم في ذلك ، فيكون مقتضاه ، وهو خطأ المخالف للإجماع حقّا ، وهو يقتضي حقيّة ما عليه الإجماع وهو المطلوب.
واجيب أوّلا : بالنقض بإجماع الفلاسفة على قدم العالم ، وإجماع اليهود على أنّ لا نبيّ بعد موسى عليهالسلام وأمثال ذلك.
وردّ : بأنّ إجماع الفلاسفة عن نظر عقليّ وتعارض الشبه ، واشتباه الصحيح والفاسد فيه كثير.
وأمّا في الشرعيّات فالفرق بين القاطع والظنّي بيّن لا يشتبه على أهل المعرفة والتميّز ، وإجماع اليهود والنصارى عن الاتّباع لآحاد الأوائل لعدم تحقيقهم ، والعادة لا تحيله بخلاف ما ذكرنا.
وبالجملة ، فإنّما يرد نقضا إذا وجد فيه ما ذكرنا من القيود ، وانتفاؤه ظاهر.
وقد يعترض : بأنّه لا حاجة في هذا الاستدلال (١) إلى توسيط الإجماع على تخطئة المخالف ، لأنّه لو صحّ لاستلزم وجود قاطع في كلّ حكم وقع الإجماع عليه.
ويجاب : بأنّ كلّ المجمعين (٢) ليسوا بقاطعين على خطأ مخالفيهم ، بل ربّما يكون كلّ حكم منهم ظنّيا مستندا إلى أمارة ، لكن يحصل لنا القطع بالحكم من اتّفاق الكلّ ، ولذلك قال في الاستدلال : أجمعوا على القطع بتخطئة المخالف ، ولم
__________________
(١) وهو ان العادة تحكم بأنّ العدد الكثير من العلماء والمحققين لا يجتمعون على القطع بمجرد توطؤ وظنّ ، بل لا يكون قطعهم إلّا عن قاطع.
(٢) أي المجمعين في المسألة الفقهية.