والحاصل ؛ أنّ هذه الرواية وما في معناها ظاهرة في مذهب الإمامية من لزوم معصوم في كلّ زمان ، ويؤيّده أيضا ما رووه من قوله عليهالسلام : «لا يزال طائفة من امّتي على الحقّ حتّى تقوم السّاعة» (١). وهو أيضا يشعر بأنّ نفيه عليهالسلام اجتماعهم على الخطأ إنّما هو لأجل أنّه لا بدّ أن يكون طائفة من أمّته على الحقّ ، كما نبّه عليه بعض المحقّقين. قال : وهو ما يقوله أصحابنا من وجوب دخول المعصوم عليهالسلام في الإجماع حتّى يكون حجّة ، فيلزم المخالفين أن يقولوا بأنّ حجّية الإجماع إنّما هو من أجل ذلك ، كما يقوله أصحابنا ، لا لأنّه إجماع من حيث إنّه إجماع.
وأمّا قوله عليهالسلام : «لم يكن الله ليجمع امّتي على خطأ» (٢).
فمع ما فيه من أكثر ما مرّ من القدح في السّند والدّلالة ، أنّ ظاهرها مقبول عندنا ولا يصدر مثل هذا القبيح عن الله تعالى ، ولكن لا ينفي صدوره عن الخلق ، ويظهر الكلام في الباقي ممّا مرّ.
وأمّا الأدلّة العقليّة التي أقاموها على ذلك : فأقواها أنّ العلماء أجمعوا على القطع بتخطئة المخالف للإجماع ، فدلّ على أنّه حجّة ، فإنّ العادة تحكم بأنّ هذا العدد الكثير من العلماء المحقّقين لا يجتمعون على القطع في شرعيّ بمجرّد تواطؤ
__________________
ـ كذلك ، فلا تدلّ الرّوايات على أنّ كل ما اجتمعوا عليه فهو ليس بخطاء في نفس الأمر ، بل لو دلّ فإنّما يدل على انّه ليس بخطاء عندهم ، ولا ريب بأنّه أعم مما هو مقصودهم ، هذا كما في الحاشية.
(١) فتح الباري : ١٣ / ١٦. وفي رواية : لا تزال طائف من أمتي على الحق حتى يأتي أمر الله. أخرجه مسلم ٣ / ١٥٢٣ وفي رواية بلفظ : لا يزال طائفة من امتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرّهم من خذلهم ولا من خالفهم حتّى يأتي أمر الله وهم على ذلك.
(٢) «المعارج» ص ١١٨ للمحقق الحلي ، «سنن ابن ماجة» : ٢ / ١٣٠٣ ح ٣٩٥٠ (نحوه) ، «الاحكام للآمدي» : ١ / ٢١٩.