الإجماع الذي لم يبلغ عدده حدّ التواتر ، لم يسمع منهم ، ودعوى حكم العادة حينئذ على ما ذكر ، غير مسموعة.
نعم ، يمكن أن يقال : يتمّ الاستدلال بناء على كون المطلوب إثبات الحجّية في الجملة لا مطلقا.
وكيف كان ، فما ذكروه من الأدلّة من العقل والنقل لو تمّت ، فلا يضرّنا ، بل ينفعنا ولو لم يتمّ ، فأيضا لا يخلو من تأييد لإثبات حجّية الإجماع ، وأكثر أدلّتهم مطابقة لمقتضى مذهب الشيعة في حجّية الإجماع ، يظهر لمن تأمّل فيها بعين التدقيق والإنصاف.
ولنذكر هنا شيئا من الشّكوك والشبهات التي أوردوها في المقامات الثلاثة المتقدّمة (١) ، ولنجب عنها :
فمنها : ما ذكروه في نفي إمكانه ، وهو أنّ الاتّفاق إمّا عن قطعيّ أو ظنّي ، وكلاهما باطل.
أمّا القطعيّ فلأنّ العادة تقتضي نقله إلينا ، فلو كان لنقل وليس فليس ، ولو نقل لأغنى عن الإجماع (٢).
وأمّا الظنّي فلقضاء العادة بامتناع الاتّفاق عليه لاختلاف القرائح وتباينهم ، وذلك كاتّفاقهم على أكل الزّبيب الأسود في زمان واحد ، فإنّه معلوم الانتفاء ، وما ذلك إلّا لاختلاف الدّواعي.
وردّ : بمنع حكم العادة بنقل القطعيّ إذا أغنى عنه ما هو أقوى عنه ، وهو
__________________
(١) إمكان حصول الاجماع والعلم به وحجّيته.
(٢) قال في الحاشية : لا يخفى ان هذا يردّ حجية الاجماع لا أنّه لا يمكن كما لا يخفى فالأولى عدم ذكر هذا الفرض هنا.