الإجماع إلّا في زمن الصّحابة ، حيث كان المؤمنون قليلين يمكن معرفتهم بأسرهم على التفصيل.
أقول : لا ريب في إمكان حصول العلم في هذا الزّمان أيضا كما أشرنا على الطريقة التي اخترناها (١) ، فإنّه يمكن حصول العلم من تتبّع كلمات العلماء ومؤلّفاتهم بإجماع جميع الشيعة من زمان حضور الإمام عليهالسلام إلى زماننا ، هذا بسبب اجتماعهم وعدم ظهور مخالف ، مع قضاء العادة بأنّ المتصدّين لنقل الأقوال ، حتّى الأقوال الشاذّة والنادرة حتّى من الواقفية وسائر المخالفين ، لو كان قول في المسألة من علمائنا لنقلوه ، وإذا مضاف إلى ذلك (٢) دعوى جماعة منهم الإجماع أيضا ، وكذا سائر القرائن ممّا أشرنا سابقا ، فيمكن حصول العلم بكونه إجماعيّا ، بمعنى كون اجتماعهم كاشفا عن موافقتهم لرئيسهم.
وما قيل : إنّهم لعلّهم اعتمدوا على دليل عقليّ ، لو وصلنا لظهر عدم دلالته على المطلوب ، ولم يعتمدوا على ما صدر من المعصوم عليهالسلام من قول أو فعل أو تقرير.
ففيه : ما لا يخفى ، إذ هذا الكلام لا يجري في الأمور التي لا مجال للعقل فيها ، وجلّ الفقه ، بل كلّها من هذا الباب ، وما يمكن استفادته من العقل فإن كان من جهة إدراك حسن ذاتيّ أو قبح ذاتيّ ، فلا إشكال في كونه متّبعا سواء انعقد عليه الإجماع أو لا ، وإن كان من باب استنباط أو تخريج أو تفريع (٣) ، فالعقل يحكم
__________________
(١) وهي الطريقة الثالثة من الطرق الثلاثة.
(٢) أي وزيادة على ذلك.
(٣) يمكن أن يكون مراده بالاستنباط القياس الذي يكون ثبوت الحكم في الأصل لأجل تلك العلّة بغير النص ، وكذا وجوده في الفرع. والمراد بالتفريع عكس ذلك ، وسيشير ـ