فهذا هو الوجه فيما اخترناه من المنع مطلقا (١).
وأمّا العامّة فأكثرهم قد وافقنا على ذلك (٢) ، وذهب الأقلّون منهم إلى الجواز. وفصّل ابن الحاجب ومن تبعه بأنّ الثالث إن كان يرفع شيئا متّفقا عليه كمسألة ردّ البكر مجّانا ، فلا يجوز ، وإلّا فيجوز ، كمسألة فسخ النكاح ببعض العيوب ، لأنّه وافق في كلّ مسألة مذهبا فلم يخالف إجماعا.
ويوضّحه مثل قتل الذمّي وبيع الغائب المتقدّم ، فهما مسألتان خالف في إحداهما بعضا ، وفي الاخرى بعضا ، وإنّما الممنوع مخالفة الكلّ فيما اتّفقوا عليه.
واستدلّ المانعون منهم مطلقا : بأنّهم اتّفقوا على عدم التفصيل في مسألة العيوب ومسألتي الأمّ ، فالمفصّل خالف الإجماع.
وردّ : بمنع اتّفاقهم على عدم التفصيل ، فإنّ عدم القول بالفصل ليس قولا بعدم الفصل ، وإنّما الممتنع مخالفة ما قالوا بنفيه ، لا ما لم يقولوا بثبوته ويوضّحه مسألة قتل الذمّي وبيع الغائب.
واعترض (٣) : بأنّ من قال بالإيجاب الكلّي (٤) في مثل مسألة العيوب ، فيستلزم قوله بطلان السّلب الجزئي (٥) الذي هو نقيضه قطعا ، بل بطلان التفرقة. ومن قال بالسّلب الكلّي يستلزم قوله بطلان الإيجاب الجزئي الذي هو نقيضه قطعا ، بل بطلان التفرقة.
__________________
(١) بلا تفصيل.
(٢) فمنعوا من الخرق.
(٣) نقله سلطان العلماء في حاشيته على «المعالم» ص ٣١٨.
(٤) أي جواز الفسخ بها كلّها في مسألة العيوب مثلا ، وهكذا غيرها.
(٥) أي ان الايجاب الكلي يستلزم سلب بطلان السلب الجزئي.