وجّهه الشهيد رحمهالله كما مرّ (١). ولكن لا بدّ من البيان لتفاوت المذاهب في الاحتجاج وتفاوت المذكورات في القوّة والضعف.
ثمّ إنّ الإجماع المنقول ، مثل الخبر المنقول يجري فيه أقسامه وأحكامه من الردّ والقبول والتعادل والترجيح ، فينقسم بالمنقول بخبر الواحد والمتواتر والصحيح والضعيف والمسند والمرسل وغيرها. وكذلك اعتبار المرجّحات من علوّ الإسناد وكثرة الواسطة والأفقهيّة والأعدليّة وغير ذلك من المرجّحات ، والصحّة والضعف ، يحصل بسبب عدالة الناقل وعدمها ، والإسناد والإرسال يحصل باتّصال السّند إلى الناقل وعدمه ، وحذف بعض السّلسلة وعدمه مثل أنّ الشيخ سمع عن شيخه المفيد أنّ المسألة اجماعية ، فقال هو أجمع الأصحاب من دون رواية عن شيخه فهذا موقوف ، أو روى ابن إدريس عن المفيد بواسطة الشيخ بحذف الواسطة.
وأمّا كونه بخبر الواحد أو متواترا ، فقد أورد المحقّق البهائي رحمهالله سؤالا فيه (٢) على القوم (٣) بأنّهم مطبقون على اشتراط الحسّ في التواتر ، وأنّه لا يثبت بالتواتر إلّا ما كان محسوسا ، والإجماع هو تطابق آراء رؤساء الدّين على حكم ، والذي ينقل بالتواتر هو قولهم ، وقولهم بشيء لا يستلزم إذعانهم به في نفس الأمر ، وإن قال كلّ منهم : أنا مذعن بذلك لاحتمال التقيّة أو الكذب من بعضهم.
نعم ، يفيد الظنّ بذلك لأصالة عدمهما ، وسيّما الثاني لمصادمته للعدالة.
فظهر بذلك ، أنّ تقسيم الأصوليين الإجماع إلى قطعيّ ثابت بالتواتر ، وظنّيّ
__________________
(١) في التنبيه الرابع من التنبيهات الخمسة المذكورة قبل القانون الذي قبل هذا القانون.
(٢) اشكالا فيه.
(٣) حيث قال في حاشية «الزبدة» ص ١٠٤ في مبحث الإجماع المنقول : ولي في هذا المقام مع القوم بحث وهو انّهم مطبقون ... الخ.