الطبرسي كثيرا ما يفسّر الألفاظ ويبيّن المعاني من دون نصّ وأثر.
وأمّا ما ذكره المفصّل (١) : من أنّه يجوز العمل في القطعيّات منه دون الظواهر المحتملة للنسخ والتخصيص وغيره.
ففيه : ما مرّ من أنّ محلّ النزاع إن كان ظاهر الكتاب من حيث إنّه هو ظاهر الكتاب ، فلا يضرّه هذه المحتملات قبل طروّها ، مثل أوائل نزول الكتاب. فإذا نزل آية كان يجوز العمل بها حتّى يثبت لها ناسخ أو مخصّص أو مقيّد.
وأمّا بعد سنوح هذه العوارض فيعمل على مقتضاها إذا علم بها على وجهها ، وإلّا فالحال فيه هو الحال في جميع ما يرد علينا في أمثال زماننا من متعارضات الأدلّة. والمجتهدون أيضا يقولون بأنّه لا يجوز العمل بها حينئذ إلّا بعد ملاحظة المعارض ، ينادي بذلك اتّفاقهم على لزوم الفحص عن المخصّص في العامّ ، ووجوب تحصيل القطع بالعدم (٢) أو الظنّ.
وما يدّعى أنّ الحاصل من تتبّع الأخبار أنّ أصحاب الأئمّة عليهمالسلام كانوا يعملون بالأخبار العامّة بمحض الورود من دون فحص عن المخصّص ، وأنّهم ما كانوا يعملون (٣) بالآيات كذلك ، وإجماعهم المستفاد من طريقتهم هو الدّاعي لإخراج
__________________
ـ وحملها عليه بحيث لولاه لم يفعل كذلك ، كما يوجد في كلام المبدعين. هذا ويمكن أن يكون المراد من تفسير القرآن بالرأي هو عمّن لم يظفر بدقائق القرآن وغرائبها مما يتوقف على النقل والسّماع أو بعض العلوم ، بل فسّره بمجرّد وقوفه على ظاهر العربية.
(١) وهو الفاضل السيد صدر الدّين كما مرّ بأنّه من المفصّل ، راجع الشروح والتعليقات القريبة السّابقة.
(٢) كما ذهب إليه الباقلّاني.
(٣) كلمة ما هنا نافية.