إلى النظر مطلقا ، فهو مكابرة. وإلى ما ذكرنا ينظر كلام سيّدنا المرتضى رحمهالله حيث قال : إنّ أخبار البلدان والوقائع (١) والملوك وهجرة النبيّ صلىاللهعليهوآله ومغازيه وما يجري هذا المجرى ، يجوز أن يكون العلم بها ضرورة من فعل الله تعالى ، ويجوز أن تكون مكتسبة [يكون مكتسبا] من أفعال العباد.
وأمّا ما عدا ذلك مثل العلم بمعجزات النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وكثير من أحكام الشريعة والنصّ الحاصل على الأئمّة عليهمالسلام ، فنقطع على أنّه مستدلّ عليه (٢) ، وهذا هو التفصيل (٣) الذي أشرنا إليه وارتضاه الشيخ في «العدّة» (٤).
والظاهر أنّ القول بالتوقّف المنسوب إليه أيضا إنّما هو في القسم الأوّل من الضّروريّات.
ومنشأ التوقّف الشكّ والتأمّل في أنّ العلم هل يحصل بجعل الله تعالى اضطرارا من دون اختيار العبد بعد حصول المقدّمات ، أو يحصل من جهة كسب العبد والتأمّل في المقدّمات من كون المخبرين عددا يمتنع كذبهم ، وأنّهم أخبروا عن حسّ ، وإن لم يكن متفطّنا بها حين حصول العلم ، إذ يصدق حينئذ أنّ العلم ناشئ عن الكسب وإن لم يتفطّن بالمكتسب عنه حين العلم ، إذ لا فرق بين المعلومات الموصلة إلى المطلوب التي كانت حاصلة بالعلم الإجمالي أو التفصيلي. فإنّ من
__________________
(١) هذه العبارة بعينها هي في «العدة» ١ / ٧١ منسوبة الى السيّد ، ولم أظفر بعينها في «الذريعة» وان يمكن تحصيل مضمونها راجع هناك.
(٢) أي يحتاج الى الكسب وترتيب المقدمات.
(٣) أي جعلنا المتواترات على قسمين كما أشرنا ، وكلام السيد أيضا ناظر الى ذلك ، بل هو متوقف في القسم الذي أشرنا أنّه ضروري ، من أنّه ضروري أو فطري.
(٤) ١ / ٧١.