الجود من باب الدلالة التضمّنية ، غفل عن هذا واختلط عليه الفرق بين الجود والعطاء ، ولعلّ كلام العضدي ناظر إلى هذا الوجه (١) ، حيث قال : واعلم أنّ الواقعة الواحدة لا تتضمّن السّخاوة ولا الشّجاعة (٢) ، بل القدر المشترك الحاصل من الجزئيّات (٣) ذلك وهو المتواتر ، لا لأنّ آحادها صدق قطعا ، بل بالعادة. انتهى.
والظاهر أنّه فرض المقام خاليا عن وجه يدلّ على الشجاعة بالالتزام ، ومع هذا الفرض فالأمر كما ذكره من عدم دلالة كلّ واحد من الوقائع على الشّجاعة
__________________
(١) أي الوجه الثاني من القسم السادس ، وهو كون الدلالة على القدر المشترك بالالتزام.
قال في الحاشية اعلم أنّ المصنف استظهر من كلامه إرادة الوجه الثاني من وجهي السادس ولكن الظاهر عندي أنّ مراده اوّل وجهي السادس او انّ مراده هو الوجه الخامس ، وان مراده كونه من باب الاستلزام بأحد الوجهين واطلاقه التضمن حينئذ مسامحة ، ومراده الاستلزام فنفاه من أحاد الوقائع واثبته في المجموع. ويمكن أن يكون مراده من السّخاوة والشّجاعة الفعل الدال عليهما لا الملكتين ، فحينئذ يكون من الوجه الرابع ولفظ التضمن المنفي على ظاهره. فعلى ما ذكرناه من حمله على أحد الوجوه الثلاثة فمعنى كلامه انّ كل واحدة من الوقائع لا تدل على الشجاعة مثلا أي تحققها بل القدر المشترك الحاصل من الجزئيّات هو ذلك أي الشجاعة المحقّقة ، والشجاعة المحققة هو المتواتر لا لأن آحادها صدق قطعا أي ليس بحيث يكون كل واقعة صدقا وإنّما يثبت الصدق وقطعيّته ذلك الخبر المتواتر بسبب العادة من حيث ملاحظة المجموع.
وهذا لا تكلف فيه كما ترى ؛ بخلاف ما استظهره المصنّف. كما ذكره في «حديقة البساتين في شرح القوانين» لمحمد على بن احمد التبريزي القراجه داغي.
(٢) أي لا تدلّ عليها بالتضمن ولا الالتزام. أراد بالتضمن ما يعمّ الدّلالتين.
(٣) أراد بالجزئيات مجموع الوقائع الخاصة المخبر بها ، ومعنى حصول القدر المشترك منها ، حصول الدلالة عليه من ملاحظة المجموع.