ينزّلان على العموم كما لا يخفى ، إذ لو كان المراد الخصوص ، لناسب العهد والتعريف باللّام.
والثاني : بأنّ التعليل لبيان أنّ خبر الفاسق معرّض لمثل هذه المفسدة العظمى ؛ لا أنّه كذلك مطلقا وفي جميع الأفراد ، وذلك لا يوجب اختصاص التبيّن بمثل هذه الواقعة ، مع أنّ ذلك أيضا يفيد المطلق ، إذ مفهومه يقتضي عدم التثبّت في مثل هذه الواقعة وغيرها لخبر العادل ، عملا بالعلّة المنصوصة في المنطوق.
وقد يعترض أيضا (١) : بأنّ العمل بخبر العدل لا يصحّ في مورد نزول الآية ، لعدم جواز العمل بخبر العدل الواحد في الارتداد ، فلا يدلّ على حجّية خبر العدل مطلقا.
فعلى هذا ، فالنكتة في ذكر الفاسق ؛ التنبيه على فسق الوليد وتعييره عليه ، وإلّا فكان يكفي أن يقول : إن جاءكم أحد ، ونحوه.
وفيه : أنّ عدم جواز العمل بخبر العدل في الردّة لا يضرّ بحجّية المفهوم لإمكان التخصيص ، يعني إخراج المورد عن عامّ المفهوم بدليل خارجي ، والمناسب للتعيير حينئذ هو التعريف والعهد ، فالعدول عنه بعد ترك ذكر مثل أحد ونحوه يدلّ على أنّ ذلك من جهة اعتبار المفهوم ، مع أنّ عدم قبول خبر العدل الواحد في الرّدّة إنّما هو إذا لم ينضمّ إليه آخر ، بخلاف خبر الفاسق ، فإنّه لا يقبل أصلا ، فكأنّه اريد إن جاءكم فاسق بخبر ، وإن كان خبر غير الارتداد (٢) فلا تقبلوه أصلا ، لا منضمّا ولا منفردا إلّا مع التثبّت ، بخلاف خبر العدل ، فإنّه يقبل في الجملة ، أمّا في غير الردّة ؛ فمطلقا ، وأمّا في الرّدّة ؛ فمع انضمام الغير.
__________________
(١) راجع «العدة» ١ / ١١٣.
(٢) لعدم العبرة بخصوص المورد.