يقال بالاستحباب مع أنّه لا دليل على الاستحباب في ذلك.
بقي الكلام في تأويل كلمة (لعلّ) بناء على ما اخترناه وأثبتناه في محلّه. فيمكن جعلها من باب اللّام في قوله تعالى : (لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً)(.)(١) بأن يكون استعارة تبعيّة (٢) فيشبه حصول الخوف والإطاعة مرّة وعدمه اخرى ، إمّا من جهة تفاوت الإنذارات بالقطع والظنّ ، أو المخبرين بالصدق والكذب ، أو المستمعين بالإطاعة وعدمها بالترجّي ، لأنّ المترجّى قد يحصل وقد لا يحصل ، واستعير كلمة (لعلّ) لذلك.
ويمكن أن يجعل حكاية عن حال المنذرين ، فإنّهم مترجّون لحصول الحذر.
وما يقال : أنّه لا يدلّ إلّا على وجوب الحذر عند الإنذار وهو التخويف ، فهو أخصّ من المدّعى (٣).
مدفوع : بعدم القول بالفصل ، وبأنّه يثبت بذلك غيره بطريق الأولى ، إذ إثبات الحرمة والوجوب أصعب من الكراهة والاستحباب للمسامحة في دليلهما دون الأوّلين ، ولموافقتهما للأصل وكمال مباينة الأوّلين له.
__________________
(١) القصص : ٨.
(٢) فيه نظر ، لأنّ الاستعارة التبعيّة ليست من المجاز اللّغوي ، بل هي أشبه شيء بالمجاز العقليّ. والضرورة قاضية بأنّ كلمة لعلّ في الآية على اعتبار الاستعارة مستعملة في الطلب وهي موضوعة للترجّي ، فالتشبيه اعتبار حصل بينهما لا بين متعلقيهما ، فقد شبّه الطلب في كون المطلوب به قد يحصل وقد لا يحصل بالترجّي في كون المرجوّ به قد يحصل وقد لا يحصل ، واستعير له كلمة لعلّ ، فهي أوفق بالاستعارة التحقيقيّة لتحقق معناها المستعمل فيه بكونه أمرا معلوما يمكن أن يشار إليه إشارة عقلية ، هذا كما في حاشية القزويني.
(٣) راجع «المعالم» ص ٣٤٤.