المتردّدين عندهم السائلين عنهم ، كانوا يأخذون الخبر وينقلون إلى غيرهم للعمل ، ولم يكن يحصل بخبر كلّ واحد منهم العلم للسّامع ، ومع ذلك كان أئمّتهم عليهمالسلام مطّلعين على طريقتهم ويقرّرونهم على ذلك ، واحتمال أنّ كلّ ذلك كان من القرائن المفيدة للعلم ؛ ممّا يأباه العقل السليم والفهم المستقيم.
فحصل من جميع ما ذكرنا ، أنّ إطباقهم على هذه الطريقة من غير نكير منهم ، إجماع منهم على الجواز ، فيدلّ عليه الإجماع وتقرير المعصوم عليهالسلام بل أمره (١) ، وصرّح بالإجماع الشيخ في «العدّة» (٢) حيث قال : وأمّا ما اخترته من المذهب فهو أنّ خبر الواحد إذا كان من طريق أصحابنا القائلين بالإمامة ، وكان ذلك مرويّا عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أو أحد من الأئمّة عليهمالسلام وكان ممّن لا يطعن في روايته ويكون سديدا في نقله ولم تكن هناك قرينة تدلّ على صحّة ما تضمّنه الخبر ، لأنّه إذا كان هناك قرينة تدلّ على ذلك كان الاعتبار بالقرينة ، وكان ذلك موجبا للعلم ، ونحن نذكر القرائن فيما بعد ، جاز العمل به(٣).
والذي يدلّ على ذلك (٤) إجماع الفرقة المحقّة ، فإنّي وجدتها مجمعة على العمل بهذه الأخبار التي أوردوها في تصانيفهم ودوّنوها في أصولهم ، لا يتناكرون
__________________
(١) وفي التوقيع عنه عليهالسلام : لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك فيما يرويه عنّا ثقاتنا ، قد عرفوا بأنّا نفاوضهم سرنا ونحملهم إيّاه إليهم. وعنه عليهالسلام : العمري وابنه ثقتان فما أديا إليك عني ، فعنّي يؤديان وما قالا لك فعنّي يقولان ، فاسمع لهما وأطعهما فإنّهما الثقتان المأمونان ... كما عن «الكافي».
(٢) ١ / ١٢٦.
(٣) جواب إذا كان.
(٤) وهو تتمة كلام الشيخ أيضا.