ذلك ولا يتدافعونه ، حتّى أنّ واحدا منهم إذا أفتى بشيء لا يعرفونه سألوه : من أين قلت هذا ، فإذا أحالهم على كتاب معروف أو أصل مشهور ، وكان رواية ثقة لا ينكرون حديثه ، سكتوا وسلّموا الأمر في ذلك وقبلوا قوله ، هذه عادتهم وسجيّتهم من عهد النبيّ صلىاللهعليهوآله ومن بعده من الأئمّة عليهمالسلام إلى زمان الصّادق جعفر بن محمّد عليهماالسلام الذي انتشر عنه العلم ، فكثرت الرّواية من جهته ، فلو لا أنّ العمل بهذه الأخبار كان جائزا ، لما أجمعوا على ذلك ولا أنكروه ، لأنّ إجماعهم لا يكون إلّا عن معصوم عليهالسلام لا يجوز عليه الغلط والسّهو.
والذي يكشف عن ذلك (١) أنّه لمّا كان العمل بالقياس محظورا في الشّريعة عندهم ، لم يعملوا به أصلا ، وإذا شذّ واحد منهم وعمل به في بعض المسائل أو استعمله على وجه المحاجّة لخصمه ، وإن لم يعلم اعتقاده ، تركوا قوله وأنكروا عليه وتبرّءوا من قوله ، حتّى انّهم يتركون تصانيف من وصفناه ورواياته لما كان عاملا بالقياس. فلو كان العمل بخبر الواحد يجري هذا المجرى ، لوجب فيه أيضا مثل ذلك ، وقد علمنا خلافه. انتهى (٢) ما أردت نقله.
وقال العلّامة رحمهالله في «النهاية» : أمّا الإمامية فالأخباريّون منهم لم يعوّلوا في أصول الدّين وفروعه (٣) إلّا على أخبار الآحاد المرويّة عن الأئمّة عليهمالسلام.
والأصوليون منهم كأبي جعفر الطوسي رحمهالله وغيره وافقوا على قبول خبر الواحد ولم
__________________
(١) وهو تتمة كلام الشيخ أيضا.
(٢) وهذا الكلام للمصنّف.
(٣) يريد بقوله الأخباريين الفرقة المعهودة لدى العلماء والمخالفة في طريقة الاستنباط ، ويفهم ذلك أيضا من قرينة مقابلة الأصوليين.