الثاني : إجماع العلماء على أنّ من قال : له عليّ عشرة إلّا تسعة ، يلزم بواحد.
فلو لا صحّته لحكموا بإلغاء الاستثناء وألزموه بعشرة كما في المستغرق.
الثالث : قوله تعالى في الحديث القدسي : «كلّكم جائع إلّا من أطعمته» (١). ووجه الاستدلال واضح.
ثمّ إنّ لي إشكالا في هذا المقام لم يسبقني إليه فيما أعلم أحد من الأعلام وتحقيقا في المخلص عنه من مواهب كريم المنعام ، ولكنّه لا ينفع لما يرد من جهته على الأقوام ، وهو أنّهم ذكروا الاختلاف في منتهى التخصيص ، وذهب المحقّقون من الجمهور الى أنّه لا بدّ من بقاء جمع يقرب من مدلول العامّ ، ثم ذكروا الاختلاف في هذه المسألة وأسندوا القول بوجوب بقاء الأكثر الى شاذّ من العامّة ، وجواز استثناء الأكثر الى أكثر المحقّقين ، فإن كان وجه التفرقة الفرق بين المتّصل والمنفصل ، وأنّ الكلام في المبحث السّابق كان فيما كان المخصّص فيه منفصلا ، وفي هذا المبحث في المستثنى ، فهذا ينافي نقل القول بالفرق بين المتّصل والمنفصل ثمّة بين الأقوال.
وإن قلت : إنّا نمنع كون الاستثناء تخصيصا ، والكلام في المبحث السّابق إنّما كان في التخصيص.
قلت : مع أنّه ينافي نقل القول بالتفصيل المذكور ثمّة ، فيه : إنّ جمهور الأصوليين
__________________
ـ سمعت جعفر بن محمّد عليهماالسلام وهو يقول : نحن أهل بيت الرحمة وبيت النعمة وبيت البركة ، ونحن في الأرض بنيان وشيعتنا عرى الإسلام وما كانت دعوة إبراهيم إلّا لنا ولشيعتنا ، ولقد استثنى الله إلى يوم القيامة إلى ابليس فقال : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) وكذا في «البرهان» و «البحار» وغيرهما.
(١) «صحيح مسلم» : ٨ / ١٧ ، «مستدرك الحاكم» : ٤ / ٢٤١ ، «سنن البيهقي» : ٦ / ٩٣.